للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله الذي لا إله إلا هو، ما رأيت أوقر من يحيى بن يحيى قط. ما رأيته يبصق، ولا يسعل في مجلسه، ولا يتحرك عن حاله، وكان أخذ بزي مالك وسمته. قال يحيى: لما ودعت مالكًا سألته أن يوصيني. فقال لي: عليك بالنصيحة لله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم، ثم قدمت على الليث، فلما حان فراقي إياه، قلت له مثل

مقالتي لمالك. فقال لي مثل قوله سواء. قال ابن حارث: كان يحيى لا يرى القنوت في الصبح، ولا غيرها، إقتداء بالليث أيضًا. وخالف أيضًا مالكًا بالأخذ باليمين مع الشاهد، فلم ير القضاء به. وأخذ بقول الليث أيضًا فيه. وقضى برأي أمينين إذا لم يوجد من أهل الزوجين حكمان. ورأى كراء الأرض بما يخرج منها، على مذهب الليث. وذكر أبو عبد الملك بن عبد البر، أن يحيى كان لا يرى الحكمين، وأن ذلك مما أنكر عليه. وكان يأتي الجمعة معتمًا راجلًا. وحكى عبيد الله بن يحيى عن أبيه، قال: كنت مع الحاجب عبد الكريم بن مغيث في الغزو يوم اربونة، ومعي صاحبي سعيد بن محمد ابن بشير، وكان يكرمنا ويرسل إلينا، ويستشيرنا. وربما استخصني، بالإرسال، حتى قلت له: لا تفعل، فربما احفظ ذلك صاحبي. ووجّه إلي يومًا بصلة، مائة دينار. وإلى سعيد بمثلها. فصرفتها إليه، وقلت له: أما أنا فمستغنٍ عنها، بحمد الله. ولكن أجمعها لصاحبي، لحاجته إليها. فلما فتح الله على المسلمين، وقفلنا، قال لي يومًا: يا أبا محمد، أردت أن أكرمك أنت وصاحبك، فأمكن بكما الأندلس. قلت وبما ذاك؟ قال

<<  <  ج: ص:  >  >>