للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتاه كتاب الأمير أخيرا في الرجوع الى وطنه، وبذل له الأمان، ؤيرد عليه متاعه وماله، وكان يحيى قد كتب اليه في ذلك فاستجاب له، وعاد الى قرطبة أخريات أيام الحكم، فلم يزل تحت كرامته بقية أيامه، وأيام ولده، وعرض جاهه وشهر فضله وعلمه. ولما انصرف الى قرطبة، باع جميع عبيده، واستبدل بهم. فقيل له في ذلك، فقال: نكره ان يصحبنا من عرف ما دار علينا، من الهرب والذل. وامتدت أيامه، الى أن توفي، لثمان بقين في رجب، سنة أربع وثلاثين ومائتين،

فيما قاله ابن الفرضي. وقال الرازي عشية يوم الأربعاء لثمان بقين من ذي الحجة. وقيل إنما توفي سنة ثلاث وثلاثين. حكاه أبو عمر الحافظ، وكان سنّه يوم توفي: سنتين وثمانين سنة. وترك ابنين يأتي ذكرهما. ولما مات يحيى، أسند وصيته إلى القاضي محمد بن زياد بن ربيع، أجل خاصته. وهو الذي صلى عليه بعد موته، فذكر أن ابنه الأصغر عبيد الله كان قدّمه، وأن ابنه الأكبر، اسحاق، تقدم بتقدمه للصلاة عليه، يكبر بتكبيرابن زياد، ويسلّم بتسليمه. فلما وري يحيى، أنكر ابن الزياد على إسحاق ما فعله، ووبخه، وقال له: ما أقدمك عليّ بهذا؟ فقال له إسحاق: ومن أقدمك أنت على أبي؟ فقال ابن زياد؟ أمر الصلاة إلي، ومع هذا، فإن أخاك عبيد الله قدمني، وهو أرشد منك على شبابه. وكان سن عبيد الله إذ ذاك سبع عشرة سنة. والله لولا حفظي لصاحب الحفرة، لأدبتك. فكان ثناء ابن زياد يومئذ على عبيد الله، أول أسباب سؤدده. قال يحيى بن إسحاق، في كتابه المبسوطة: قال لي أبي: دخلت أنا وعبد الملك بن زونان على أبي يحيى، وهو مريض، فسأله عن علته، فقال له يا أبا الحسن إنه ليخفف عني ما أنا

<<  <  ج: ص:  >  >>