للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سحنون: ما أقبح بالعالم أن يؤتى إلى مجلسه فلا يوجد فيه. فيسأل عنه،

فيقال: هو عند الأمير، هو عند الوزير، هو عند القاضي، فإن هذا وشبهه شرٌّ من علماء بني إسرائيل. وبلغني إنهم يحدثونهم من الرخص ما يحبون، مما ليس عليه العمل، ويتركون ما عليه العمل، وفيه النجاة، لهم، كراهة أن يشتغلوهم. ولعمري لو فعلوا ذلك لنجوا، ووجب أجرهم على الله، فوالله لقد ابتليت بهذا القضاء، وبهم. ووالله ما أكلت لهم القمة، ولا شربت لهم شربة، ولا لبست لهم ثوبًا، ولا ركبت لهم دابة، وما أخذت لهم صلة. وإني لأدخل عليه، فأكلمهم بالتشديد، وما عليه العمل وفيه النجاة. ثم أخرج عنهم، فأحاسب نفسي، فأجد عليّ الدرك مع ما ألقاهم به في الشدة والغلظة، وكثرة مخالفتي هواهم، ووعظي لهم. فوددت أن أنجو مما دخلت فيه كفافًا. وقيل له: إن يعقوب بن المضار لا يحبك فقال: الحمد لله، الذي لم يجمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب واحد قال سليمان بن سالم: رأيت سحنون إذا قرئ عليه الكتاب الجهاد لابن وهب. وكتاب الزهري، يبكي حتى تسيل دموعه على لحيته. وقال مرة لرجل: اقرأ علي: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة. . . فقرأها. فلما بلغ: فستذكرون ما أقول لكم. . . قال: حسبك. وهو يبكي. قال بعضهم: خرج سحنون وابن رشيد وابن الصمادحي إلى المنستير، ومعهم ابن نعيم، قال: نظرت إلى سحنون تسيل دموعه على لحيته. ثم سكت الفتى فقال سحنون: يرتجي أن يرتفع صوته، لو كان من يقول له، وأبى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>