أرى تلك الصفة، حتى رأيت سحنون فعرفته بتلك الصفة، فصحبته وتركت مذهبي، وصرت إلى مذهبه. قال ابن حارث: أقام سؤود العلم في دار سحنون،
نحو مائة عام وثلاثين عامًا، من ابتداء طلب سحنون وأخيه، إلى موت ابن أبنه محمد بن محمد بن سحنون. قال أبو الأحوص المتعبد: رأيته في المنام وقد تهيأ للخروج إلى المصلى مع ابنه محمد، فأتيته بثوب أبيض، فقال لي: أما علمت أنا لا نقبل الهدية. فقلت: ليس بهدية، ولكن هذا رسول الله ﷺ أمرني أن أدفعه إليك. قال لي وأين رسول الله؟ فقلت له: ها هنا، حابس. فما قام سحنون إلا يسيرًا، حتى مات. ورأى بعض المتعبدين قائلًا يقول: من أراد أن يشرب من ماء الحيوان فليسمع من سحنون. قال ابن أبي سليمان: رأيت في شأن سحنون، قبل موته، رؤيا فقصصتها على معبر يقال له ابن عياض، فقال: هذا رجل يموت على السنّة، ورثاه عبد الملك الهذلي بقوله كذا ورثاه أيضًا عبد الملك بن فطرن بقصيدة أولها:
من يبصر البرق فوق الأفق قد لمعا … لمّا تسربل ثوب الليل وادّرعا
ولّى لعمري بأرض الغرب قاطبة … ميت له البدو والحضار قد خشعا
لله أنت إذا ما هاب فاصلة … من القضاء بكيل الحد فارتدعا
هناك برِّزت يا سحنون منفردًا … كسابق الخيل لما بان فانقطعا
فاذهب فقيدًا حباك الله جنته … واحصد من الخير ما قد كنت مزدرعا