تكلم عليه مالك عن أكثر شيوخنا ولا خلاف في صحة هذا الطريق، وكونه حجة عند العقلاء وتبليغه العلم يدرك ضرورة، وإنما خالف في تلك المسائل من غير أهل المدينة من لم يبلغه النقل الذي بها.
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب ولا خلاف بين أصحابنا في هذا ووافق عليه الصيرفي وغيره من أصحاب الشافعي كما حكاه الآمدي، وقد خالف بعض الشافعية عنادًا، ولا راحة للمخالف في قوله أن ما هذا سبيله فهم وغيرهم من اهل الآفاق من البصرة والكوفة ومكة سواء إذ قد نزل هذه البلاد وكان بها جماعة من الصحابة ونقلت السنن عنهم والخبر المتواتر من أي وجه ورد لزم المصير إليه ووقع العلم به، فصارت الحجة في النقل فلم تختص المدينة بذلك وسقطت المسألة في حق غيرهم لكن لا يوجد مثل هذا النقل كذلك عند غيرهم فإن شرط نقل التواتر تساوي طرفيه ووسطه وهذا موجود في أهل المدينة ونقلهم الجماعة عن الجماعة عن النبي ﷺ أو العمل في عصره وإنما ينقل أهل البلاد غيرها عن جماعتهم حتى يرجعوا إلى الواحد أو الاثنين من الصحابة فرجعت المسألة إلى خبر الآحاد وبالحري أن تفرض المسألة في عمل أهل مكة في الآذان ونقلهم المتواتر عن الآذان بين يدي النبي ﵇ بها، لكن يعارض هذا آخر
من رسول الله ﷺ والذي مات عليه بالمدينة، ولهذا قال مالك لمن ناظره في المسألة ما أدري أذان يوم ولا ليلة هذا مسجد رسول الله ﷺ يؤذن فيه من عهده ولم يحفظ عن أحد إنكاره على مؤذن فيه.
النوع الثاني: إجماعهم على عمل من طريق الاجتهاد والاستدلال، فهذا