أصول الفقه، قالوا فإذا تقرر ما بسطتموه رجع إلى نقلهم وتواتر خبرهم وعملهم، وبه الحجة، فما معنى تسميتهم إجماعًا؟ قلنا: معناه إضافة النقل والعمل إلى الجميع من حيث لم ينقل أحد منهم ولا عمل بما يخالفه، فإن قيل فقد حلتم المسألة وصرتم من إجماع إلى إجماع على نقل بقول أو عمل، فالجواب: إن موجب الكلام لنا في هذه المسألة مخالفة العراقيين وغيرهم لنا في مسائل طريقا النقل والعمل المستفيض اعتمدوا فيها على أخبار آحاد واحتج أصحابنا بنقل أهل المدينة وعملهم المجمع عليه المتواتر على تلك الأخبار لما قدمناه.
فإن قالوا فقد قال الله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) وهذا رد إلى غير الرسول إذ تقرر عندنا بالنقل المتواتر إن ذلك العمل هو سنة رسول الله ﷺ وعمله وإقراره.
قال القاضي أبو الفضل رضي الله تعالى عنه فأما قول من قال من أصحابنا أن إجماعهم من طريق الاجتهاد حجة فحجته، ما لهم من فضل الصحبة والمخالطة والملابسة والمساءلة ومشاهدة الأسباب والقرائن، ولكل هذا فضل ومزية في قوة الاجتهاد، وقد قال أصحابنا ومخالفونا: إن تفسير الصحابي الراوي لأحد محتملي الخبر أولى من تفسير غيره وحجة يترك لها تفسير من خالفه لمشاهدة الرسول وسماعه ذلك الحديث منه وفهمه من حاله ومخرج ألفاظه وأسباب قضيته ما يكون له به من العلم بمراده ما ليس عند غيره فرجع تفسيره لذلك فكذلك إجماع أهل المدينة بهذا السبيل واجتهادهم مقدم على غيره فمن نأت داره ولم يبلغه إلا مجرد خبر معرى من قرائنه سليب من أسباب