للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسألوا فأجابوا وبنوا القواعد ومهدوا الأصول وفرعوا عليها النوازل ووضعوا في ذلك للناس التصانيف وبوبّوها، وعمل كل واحد منهم بحسب ما فتح عليه ووفق له، فانتهى إليهم علم الأصول والفروع والاختلاف والاتفاق وقاسوا على ما بلغهم ما يدل عليه ويشبه، رضي الله عن جميعهم ووفاهم أجر اجتهادهم فالمتعين على المقلد العامي وطالب العلم المبتدئ أن يرجع في التقليد لهؤلاء لنصوص نوازله والرجوع فيما أشكل من ذلك إليهم، ولاستغراق علم الشريعة ودورها عليهم وأحكامهم النظر في مذاهب من تقدمهم وكفايتهم ذلك لمن جاء بعدهم، لكن تقليد جميعهم لا يتفق في أكثر النوازل وجمهور المسائل لاختلافهم باختلاف الأصول التي بنوا عليها ولا يصلح أن، يقلد المقلد من شاء منهم على الشهوة والبحث أو على ما وجه عليه أهل قطره وآله، فحظه هنا من الاجتهاد النظر في أعلمهم ويعرف الأولى بالتقليد من جملتهم حتى يركن العامي في أعماله إلى فتواه ويجتهد في تعبداته على ما رآه وينصب العامي الأعلم من ملتزمي مذاهب هؤلاء منصبه، ولا يحل له أن يعدو في استفتائه من لا يرى مذهبه، فقد قال بعض المشائخ: إن الإمام لمن التزم تقليد مذهبه كالنبي مع أمته، ولا يحل له مخالفته.

وهذا صحيح في الاعتبار مما بسطناه وشرطناه يظهر صوابه لأولي البصائر والأبصار وكذلك يلزم هذا طالب العلم في بدايته في درس ما أصله الأعلم من هؤلاء وفرعه وحفظ ما ألفه وجمعه والاهتداء بنظره في ذلك والميل حيث مال معه إذ لو ابتدأ الطالب في كل مسألة فطلب الوقاف على الحق منها بطريق الاجتهاد عسر عليه ذلك إذ لا يتفق له إلا بعد جمع خصاله وتناهي كماله، وإذا

كان بهذا السبيل استغنى عن تقليد أرباب المذاهب وكان من المجتهدين لنفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>