للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسبيله أن يقلد من يعرفه أن، هذا هو الحق، حتى إذا أدرك من العلم ما قيض له وحصل منه ما قسم الله تعالى له وأفلح وكان فيه عمل للنظر والاجتهاد انتقل إلى ذلك وأدركه، فإذا تقررت هذه المقدمة فنقول: قد وقع إجماع المسلمين في أقطار الأرض على تقليد هذا النمط واتباعهم ودرس مذاهبهم دون من قبلهم ومع الاعتراف بفضل من قبلهم وسبقه ومزيد علمه، لكن للعلل التي ذكرنا وكفاية ما نحلوه وانتقوه من ذلك كما قدمنا.

ثم اختلفت الآراء والهمم في تعيين المقلد منهم بحسب ما اعتقدوه فيه أنه هو الأعلم والأولى بالإتباع، أما من اعتقاد اعتقدوه أو انتشار ذكر وثناء سمعوه أو من اتباع له اعتمدوه أو من تقليد لآبائهم أو أهل بلادهم نشأوا عليه وألفوه، فكان المقلدون المقتدى بمذاهبهم أصحاب الأتباع في سائر الأقطار البقاع كثرة قبل مالك بن أنس بالمدينة وأبو حنيفة والثوري بالكوفة، والحسن البصري بالبصرة على ما تقدم منه، والأوزاعي بالشام، والشافعي بمصر، وأحمد بن حنبل (بعده) ببغداد وكان لأبي ثور هناك أيضًا أتباع.

ثم نشأ ببغداد أبو جعفر الطبري وداود الأصبهاني فألفا الكتب واختارا في المذاهب على آراء أهل الحديث واطرح داود منها القياس وكان لكل واحد منهما أتباع، وسرت جميع هذه المذاهب في الآفاق فغلب مذهب مالك على الحجاز والبصرة ومصر وما والاها من بلاد أفريقية والأندلس وصقلية والمغرب الأقصى إلى بلاد من أسلم من السودان إلى وقتنا هذا وظهر ببغداد ظهورًا كثيرًا وضعف بها بعد أربعمائة سنة وضعف بالبصرة بعد خمسمائة سنة وغلب من بلاد خراسان على قزوين وأبهر وظهر بنيسابور

<<  <  ج: ص:  >  >>