للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان با وبغيرها أئمة ومدرسون سنذكر منهم بعد في طبقاتهم من ألهم الله تعالى إليه، وكان ببلاد فارس وانتشر باليمن وكثير من

بلاد الشام، وغلب مذهب أبي حنيفة على الكوفة والعراق وما وراء النهر وكثير من بلاد خراسان إلى وقتنا وظهر بإفريقية ظهورًا كثيرًا إلى قريب من أربعمائة عام فانقطع منها ودخل منه شيء ما وراءها من المغرب قديمًا بجزيرة الأندلس وبمدينة فاس وغلب مذهب الأوزاعي على الشام وعلى جزيرة الأندلس أولًا إلى أن، غلب عليها مذهب مالك بعد المائتين فانقطع، وأما مذهب الحسن والثوري فلم يكثر أتباعهما ولم يطل تقليدهما وانقطع مذهبهما عن قريب، وأما الشافعي فكثر أتباعه وظهر مذهبه ظهور مذهبي مالك وأبي حنيفة قبله وكان أول ظهوره بمصر وكثر أصحابه بها مع المالكية وبالعراق وبغداد وغلب عليها وعلى كثير من بلاد خراسان والشام واليمن إلى وقتنا أتباعهم والاقتداء بمذاهبهم ودرس كتبهم والتفقه على مآخذهم والبناء على قواعدهم والتفريع على أصولهم دون غيرهم ممن تقدمهم أو عاصرهم، للعلل التي ذكرناها، وصار الناس اليوم في أقطار الدنيا إلى خمسة مذاهب مالكية وحنفية وشافعية وحنفية وحنبلية وداودية وهم المعرفون بالظاهرية.

فحق على طالب العلم ومريد تعرف الصواب والحق أن يعرف أولاهم بالتقليد ليعمل على مذهبه ويسلك في التفقه سبيله، وها نحن نبين أن مالكًا رحمه الله تعالى هو ذلك لجمعه أدوات الإمامة وتحصيله درجة الاجتهاد وكونه أعلم القوم بأهل زمانه وأطباق أهل وقته على شهادتهم له بذلك وتقديمه، وهو القدوة والناس إذ ذاك ناس والزمان زمان، ثم للأثر الوارد في عالم المدينة التي هي داره وانطلاق هذا الوصف ولإضافة على ألسنة الجماهير، وموافقة أحواله الحال التي أخبر في

<<  <  ج: ص:  >  >>