للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقرأت: إنما نُطعمكم لوجه الله الآية. فيدفع إلي الدينار، والدينارين، وما أمكنه. قال أبو القاسم المعروف بالمساجدي: شكوت يومًا الى ابن طالب الوحدة، وقلة الجدة، فاشترى لي جارية بأربعين دينارًا وحجرة قرب الجامع بعشرين دينارًا. فشكوت إليه أنه ليس فيها ماء. فحفر في زقاقها بئرًا، للمسلمين. فكان يعطي قوتي، وقوت الجارية وكسوتها كل شهر. قال أحمد بن معتب: جئته يومًا أسأله لرجل معروفًا. قال: فناولني طرف كم قميصه، ثم أدخل يده لينتزعه. فقلت: سبحان الله، معاذ الله، أن أكلفك هذا. فقال لي: لا يسبق إليك أني فعلته عن ضجر، غير أني والله لا أملك في هذا الوقت دينارًا ولا درهمًا، ولابد له من أخذها. ومدّ رليّ بثوبه. وقال بعضهم: أتيت ابن طالب فشكوت إليه الإقلال، فاعتذر اعتذار من عزم على ردّي. ثم دخل، وخرج، وجعل في يدي شيئًا لم أشك أنها دراهم، فلما خرجت إذا في

يدي عشرة دنانير. وكان سليمان بن عمران، أراد غمطه بقضية، أيام قضائه، زادته رفعة. وذلك أنه دخل يوم فطر على الأمير، فذكر له من يخطب. فقال له الأمير: الى هذا الوقت؟ فمن؟ فقال له: ومن إلا ابن عمك وقاضيك ابن طالب؟ وأراد أن يأخذه الأمير على غير أهبة، فيفتضح رؤوس الناس، ويسقط. فأمر الأمير بإحضاره وأمره بالخطبة، فقام بخطبة مشهورة. وذكر أنه لم يروها. حسنة جدًا.

فزادته عند الناس رفعة، ومكانة. وكان ابراهيم الأمير يقول: على بابي رجلان أحدهما يخاف الله، ولا يخافني. والثاني يخافني، ولا يخاف الله. فأما الذي يخاف الله ولا يخافني، فهو ابن طالب. والثاني فلان. فذلك عظيم الحرمة عندي. وهذا الذي يخافني، صغير عندي. قال بعضهم: ذكرت ذلك لابن طالب، فقال: صدق. قال القصري: كان ابن طالب، يذكر تنازع أصحابنا في المسائل، فربما ذكر في المسألة خمسة

<<  <  ج: ص:  >  >>