يشرب النبيذ. قال له عيسى: كشفت عنه فأصبته يدين بتحليله. ولا يجمع عليه الجموع. وأثبت شهادته. ودخل على عيسى بن مسكين رجل، من أشراف الناس، يتولى الأمانة للقضاة. وكان عيسى يجلّه. فأقبل عيسى يسأله عما قبله. فإذا بصائح يقول: يا قاضي. خصمي داخل عندك. وأنا خارج. ثم صاح ثانية، وثالثة. فلم يرَ عيسى غيري. فأمر بإدخاله. وسأله من خصمك؟ فقال: هذا؟ يعني الأمين. فقال: هل دارت بينك وبينه مخاصمة، قبل هذا. قال: لا. وأمر بالرجل الى الحبس، وقال: لما دخل علينا أمينُنا ومن يعيننا على الحق، أردت أن تؤذيه وتمرته. فقال عندي منافع مال من السجن تأتي بها. فلما استقر في السجن، أمر بإخراجه، وإحضار منافعه. قال: وبينما عيسى يومًا بجامع رقادة، إذ سمع صياح قوم. بالله. ثم به. فقال لمن حوله: أنظروا من هؤلاء؟ قالوا: نهب تونس، فأمر بإمساكهم. فشكاه الذي نهبهم الى الأمير، ابراهيم. فأرسل إليه في إطلاقهم. فقال لكاتبه: أكتب إليه: ويا قومِ ما لي أدعوكُم الى النجاة وتدعونني الى النار الى قوله: بصيرٌ بالعباد. فلما قرأها، قال: هذا رجل يحاربنا بالله، لا حاجة لنا بهم.
أتركوهم. ووجه ابن الأغلب يومًا وراء ابن البناء. فغلط الرسول. فدعا عيسى، وذلك بعد مجيء الأمير ابراهيم، من سفرة، لم يشيعه فيها، عيسى، ولا لقيه إذ جاء. فلما أتى الرسول الى عيسى. أقبل فوجد ابراهيم في بستان. فلما رآه ابراهيم قال له ابتداءً، والله ما وجهت إليك. ولا أردت إلا ابن البناء. فانصرف عيسى من مكانه ذلك. ولم يصل الى الأمير ولا سلم عليه. فقال ابراهيم: يا قوم: أرأيتم مثل هذا القاضي.