للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقشف في قضائه. ولم يكن على هذه السبيل من الانقباض، قبل قضائه. ولما عزل، عاد الى ما كان عليه، من حسن المعاشرة. وكرم المجالسة. والمؤاخاة. وسئل عن فرط انقباضه، فقال: ابتليت بجبار عنيد. خفت أن يبعث إليّ من طعامه أو يدعوني إليه. فلا آمنه إن امتنعت.

فحملت نفسي على ذلك. لينقطع طمعه فيّ. وفرغ ما عنده من القوت برقادة. فبقي ثلاثة أيام، لا يطعم شيئًا. حتى لزم الفراش ضعفًا. حتى أتاه الرسول، آخر اليوم الثالث. قال: ولقد أقام برقادة تسع سنين، ما أكل تينًا - إلا مرة - اشتري له بخروبة. ولا بطيخًا - إلا مرة واحدة - صغيرة. وكان عيسى لا ينزل الى القيروان. فولى مظالمها، سليمان بن سالم، وأطل له النظر في مائة دينار. ثم عزله. وولاه قضاء صقلية. وولي مكانه ابراهيم بن الخشاب، واستكتب له أبا بكر بن اللباد. فكان يجري على رأيه، ولم يكن لابن الخشاب فقه، وولى على الحسبة، أبا القاسم الطرزي، قال أبو بكر اللباد: شاهدت ابن مسكين في جنازة بعض نساء الأمير ابراهيم، جالسًا في المقبرة. إذ جاء الأمير أبو العباس، فقام إليه الناس، وسلموا عليه، وعيسى جالس. ما حل حبوته. فلما نظر إليه. قال: يا قاضي: السلام عليكم ورحمة الله. فقال له: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. ثم سار إذ جاء أبوه ابراهيم، فوقف إليه الناس، وعيسى على حاله، ما حل حبوته. فلما رآه الأمير مال إليه، فلما حاذاه، قال السلام عليك يا قاضي. فردّ عليه. ثم نزل فقدّم عيسى للصلاة عليها، وبعث الأمير به الى تونس، فرغب بعض أهلها في نزوله عنده. فأنزله في دار حسنة، فقصد الى بيت مُسوّدٍ من الدخان، بابه تحت درج، فنزل فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>