للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كوز وصبه فيه أو أحدث فيه أو بال بقربه فسال إليه بوله غير داخل في النهي عنده ولا مفسد للماء شيء من ذلك إلا بتغييره.

أليس يعلم على القطع إن هذا صد عن مراد الشارع وقطع كذلك، فهم من تخصيص بعض الأعضاء بالوضوء ما تقدم من معنى التنظيف والتحسين الذي هو معنى الوضوء.

إذ تلك الأعضاء من الوجه واليدين والرأس والرجلين هي الطهارة من ابن آدم غالبًا والتي تحتاج إلى التنظيف والتحسين أبدًا أما اليدان والرجلان فلما يعاني بها من الأعمال التي تعقب الأدناس والأوساخ وتلاقي من الأمور التي تنتج عنها الدرن والأقذار، وانظر من لا يهتبل بالوضوء والماء والطهارة من البوادي وأجلاف الأعراب واسوداد القذر بروائحه وبراجمه وتراكم الدنس الموالي جوفًا بكوعه ورسغه، وكذلك الوجه سمة ابن آدم ومحياه وصورته التي كرمه الله بها

وسيماه وهو نصب لفح الهواجر، ومثار نقع الأقدام والحوافر وفيه مسام تقذف بأوساخها من قذاء عين ومخاط أنف وبصاق فم، وكل يحتاج إلى تنظيف، فشرع بجميعها الغسل والتكرار.

ولما كان الرأس مستورًا غالبًا شرع فيه المسح اكتفاء بدهنه بالماء لأن الله شعثه ولأن غسله عند كل حدث مما يشق ويهلك، فهل وفى الشافعي بعبرة هذا الأصل إذا اكتفى بصب الماء عن الدلك وبالمسح على شعرات أو ثلاث من جميع الرأس؟ زأبو حنيفة في الاقتصار على الناصية؟ والثوري في الاقتصار على شعرة؟ ولا يعترض على ما مهدناه بكون التيمم بدلًا من الوضوء عند عدم الماء ولا تنظيف فيه ولا تحسين بل الضر من ذلك، فاعلم أن هذا السر عجيب في الشريعة لمن عدم الماء الطهور وهو متكرر وشاق في السفر وكانت الصلاة دونه مع تأدية

<<  <  ج: ص:  >  >>