لتضربن إليك آباط الإبل، من أقصى المغرب. فكان كما قال: ودخل عليه عطية الجزري، فرحب به أبو العباس، فقال: أتيتك زائرًا، ومودعًا الى مكة. فقال له أبو العباس: لا تخلنا من بركة دعائك. وبكى. وكان مع عطية ركوة ولاقى ودًا. فخرج مع أصحابه، ثم أتاه بأثر ذلك رجل، فقال له: أصلحك الله، عندي خمسون مثقالًا، ولي بغل، فهل ترى في الخروج الى مكة؟ فقال: لا تعجل، حتى توفر هذه الدنانير، فعجبنا من ذلك. واختلاف جوابه للرجلين، مع اختلاف أحدهما. فقال، عطية جاءني مودعًا غير مستشير، قد وثق بالله. وجاءني هذا يستشير، ويذكر ما عنده. فعلمت ضعف نيته. فأمرته بما رأيته. قال بعضهم: مر عطية المتعبد يومًا برجل يزمر. فمزّق زقه. فأقبل الزامر يرميه بطوب الحزق. وعطية يقول: اللهم تب عليه. فعرف ذلك الإبياني، فقال: ضرب عطية؟ اللهم اقطع يمينه. قال الحاكي: فرأيت الزامر بعد ذلك في الطواف، فقلت له: أنت صاحب عطية؟ قال بدعوته انتفعت. فذكرت له دعوة أبي العباس فقال: ما له ولي. هلا دعا لي كما دعا عطية. وأخرج يده مقطوعة. وكتب أبو الفضل بن نصر التابرتي الى أبي العباس الإبياني شعرًا أوله:
ماذا تريك حوادث الأزمان … وصروفها وطوارق الحدثان
ومنها:
وأشد ما ألقى وأفضح للحشا … عدم الوفاة وجفوة الإخوان