قاله القائل. فعرض عليه، فامتنع، فعافاه. وخرج من عنده عشاء متوجهًا الى تونس، لحينه. مخافة أن يبدو في أمره. فعافاه الله. وقيل إن الذي أراد أن يوليه القضاء معدّ، وكان غداء أبي العباس نصف حجلة تثرد له في نصف خبزة. وكان متحفظًا في طعامه. كثير الحِمية. ورأى رؤيا تدل، أن في طعامه شيئًا. فسأل عن الخبر، فلم يجد شيئًا. فإذا بالأندُر الذي ذري فيه قمحه، غير حسن الأصل، فتحفظ بعد ذلك. وكان متواضعًا، كثير التواضع. وكان إذا قيل له الفقيه. يقول: لقب لقبنا به. وحكى أنه يعقد السّفافل في وجهه، ازراء بنفسه، وتحقيرًا لها. وقد سئل يومًا عن فقيهين من أصحابه، وتلاميذه، وهما أبو القاسم بن زيد، وسعيد بن ميمون. فقيل له: أيهما أفقه. فقال: إنما يفصل بين عالمين من هو أعلم منهما. وكان رحمه الله تعالى: يقرأ السبع، كل يوم. وما استكمل حفظ القرآن، إلا وهو ابن سبعين سنة. قال بعضهم: كنا عند أبي العباس، حتى أتى عطية الجزري العابد. فنظر يمينًا وشمالًا، ثم انصرف وهو
يقول: ما هنا من أصحابنا أحد. فصاح أبو العباس عليه. فرجع. ثم قال له: وما نحن من أصحابك، واندفع في البكاء. ويكرر قول عطية. ويقول من أين أكون من أصحابك؟ وأنت تأتي القيروان، وعليك تليس، وطرابلس وعليك تليس، ومصر وعليك تليس، ونحن نتخذ للحاضرة ثيابًا، لا نلبسها للبادية. وقيابًا للبادية، لا نلبسها للحاضرة. ونتزين ونتطيّب. ويبكي وعطية يقول: يا شيخ: لا تفعل. فأنت إمامنا في ديننا، بك نقتدي، في أمورنا. وكانت له فراسة. لا يكاد أن يخطئ. يذكر أنه قال لأبي الحسن القابسي، وهو يطلب عليه: والله