للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيء إذا كان على حال، فانتقاله عنها يَفتقِر إلى عَدَمها (١) ووجود الأخرى، وبقاؤها وبقاء الأولى لا يفتقر إلَّا إلى مجرَّد البقاء، فيكون أيسر من الحدوث وأكثر، والأصلُ إلحاقُ الفرد بالأعمِّ الأغلب.

فإن أخبره عدل بنجاسته، وذَكر السببَ؛ قُبِل.

وإن لم يعيِّنه فقال القاضي: لا يلزم قبول خبره؛ لاحتمال اعتقاد نجاسته بسبب لا يعتقده المخبَر، وقيل: يقبل؛ كالرِّواية.

ويكفي مستور الحال في الأصحِّ، كعبد وأنثى.

وإن أخبره أنَّ كلبًا ولَغ في هذا الإناء فقط، وقال آخر: إنَّما ولغ في هذا؛ حُكِمَ بنجاستهما؛ لأنَّ صدقَهما مُمكِنٌ، فإن عَيَّنا كلْبًا ووقتًا يَضِيق عن شربه منهما؛ تعارضا، ولم يحكم بنجاسة واحد منهما.

فإن قال أحدهما: ولَغ في هذا، وقال الآخر: نزل ولم يَشرَب؛ قُدِّم قول المُثْبِتِ، إلَّا أن يكون ضريرًا فيقدَّم قولُ البصيرِ عليه.

فرع: إذا أصابه ماءٌ، ولا أَمَارةَ تَدلُّ على النَّجاسة؛ كُره سؤاله عنه، نقله صالِحٌ (٢)؛ لقول عمرَ: «يا صاحِب الحوْض لا تُخبرنا» (٣)، فلا يلزم الجواب.


(١) بياض في (أ) بمقدار كلمة.
(٢) لم نجده في مسائل صالح، وذكره في المغني ١/ ٤٨.
(٣) أخرجه مالك (ص ٢٣)، ومن طريقه عبد الرزاق (٢٥٠)، والبيهقي في الكبرى (١١٨١)، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: أن عمر بن الخطاب خرج في ركب، فيهم عمرو بن العاص، حتى وردوا حوضًا، فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض: يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر بن الخطاب: «يا صاحب الحوض لا تخبرنا، فإنا نرد على السباع، وترد علينا». قال ابن عبد الهادي: (وفي إسناده انقطاع)، قال ابن معين في يحيى بن عبد الرحمن: (بعضهم يقول: سمع من عمر، وهذا باطل؛ إنما يروي عن أبيه عن عمر . ينظر: جامع التحصيل ص ٢٩٨.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (٢٣٤)، والدارقطني (٦٢)، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب. وأبو سلمة بن عبد الرحمن لم يدرك عمر أيضًا.
وأخرجه أبو عبيد في الطهور (٢٢١)، عن زيد بن أسلم، عن عمر. وزيد بن أسلم لم يدرك عمر.
فالأثر بمجموع هذه المراسيل حسن، والله أعلم.