للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة التحقيق]

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فإن الاشتغالَ بعلم الفقه من أجلِّ الأشغال، والعملَ به من أشرفِ الأعمال، وقد حثَّ اللهُ تعالى عبادَه عليه بقوله: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾، وحضَّهم النبي على الاشتغال به فقال: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» (١)، ولم يزل العلماء المُخلِصون والفقهاءُ المفلِحون يَشتغِلون ويَشْغَلون أيامَهم ولياليهم بالتَّأليف والتَّصنيفِ فيما يَنفع ويُفيد، حتى أبقى اللهُ صنائِعهم، وبارك في تآليفِهم.

ومن أولئك العلماء الذين صنَّفوا فأبدعوا في التصنيف، وكتبوا فأحسنوا التأليف: قاضي الحنابلةِ، وشيخُهم في زمانه، أبو إسحاق، برهانُ الدين، إبراهيمُ بنُ محمدِ بن مفلحٍ المقدسي رحمه الله تعالى، حين صنَّف كتابَه النافعَ: «المُبْدِعَ شَرْحَ المُقْنِعِ»، فكان من أجلِّ كتب الحنابلة تصنيفًا، وأبدعِها تأليفًا، وأعظمِها تحريرًا، وأحسنِها تقريرًا، أَتى فيه على كتابِ مُوفَّقِ الدِّين بنِ قُدامةَ المقدِسِيِّ


(١) أخرجه البخاري (٧١)، ومسلم (١٠٣٧)، من حديث معاوية .

ج:
ص:  >  >>