للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَيَمْلِكُ المَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفَ)، في ظاهِرِ المذْهَبِ (١)؛ لأِنَّه سَبَبٌ يُزِيلُ التَّصرُّفَ في الرَّقَبَة، فَمَلَكَه المنتقلُ إلَيه؛ كالهِبة، إلاَّ أنْ يكونَ مِمَّا لا يَملِكُ كالمسجد ونحوِه، فإنَّ الملْكَ فيه يَنتَقِلُ إلى الله تعالَى.

(وَعَنْهُ: لَا يَمْلِكُهُ) الموقوفُ عَلَيهِ، ويكونُ تمْلِيكًا (٢) لله تعالى، وهي (٣) اخْتِيارُ ابنِ أبي موسى؛ لأِنَّه إزالةُ ملْكٍ عن العين (٤) والمنفَعَة على وَجْهِ القُرْبةِ بتَمْليكِ المنفَعَةِ، فلم يَنتَقِلْ إلى صاحبها كالعِتْقِ، ولأِنَّه لو انتَقَلَ إلَيهِ؛ لافْتَقر إلى قَبولِه؛ كسائر الأمْلاك.

وعَنْهُ: أنَّه باقٍ على ملْكِ الواقِفِ؛ لقولِه: «إنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أصْلَها وتصدَّقْتَ بِها» (٥)، ولأِنَّه (٦) لا يُوجِبُ زوالَ الملْك عَنْهُ، فتَلزَمُه الخصومةُ فِيهِ.

والأوَّلُ أَوْلَى؛ لأِنَّه سَبَبٌ لم يَخرُجْ به الملْكُ عن المالِيَّة، فَوَجَبَ أنْ يَنتَقِلَ إلَيهِ؛ كالهِبة والبَيع، وفارَقَ العِتْقَ مِنْ حَيثُ إنَّه إخْراجٌ عن حُكْم المالِيَّة، ولأِنَّه لو كان تَمْلِيكًا للمنْفَعة المجرَّدة؛ لم يَلزَمْ؛ كالعارِيَة والسُّكْنَى.

وقَولُ أحمدَ: (إنَّهم لا يَمْلِكونَ) (٧)؛ مَحْمولٌ على أنَّهم لا يَمْلِكونَ


(١) كتب في هامش (ق): (من «كفاية المفتي»: الوقف يتردَّد بين شيئين؛ يشبه العتق؛ من حيث إنه يقطع تصرف المالك في الرقبة والمنفعة ويمنع العود إليه ما دام يُنتفع به، ويشبه الهبة؛ من حيث إنه ينتقل إلى الموقوف عليه ولا يخرج عن حكم المالية، والله أعلم).
(٢) في (ق): ملكًا.
(٣) في (ظ): وهو.
(٤) في (ح): المعين.
(٥) تقدم تخريجه ٦/ ٤١٧ حاشية (٧).
(٦) في (ق): لأنه.
(٧) ينظر: الوقوف والترجل ص ٤١.