للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ)

(الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَاءٌ نَجِسٌ)، هذا شروعٌ في بيانِ ما يَسلُب الماءَ صِفتَيه: طهارتَه وتطهيرَه، (وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ بِمُخَالَطَةِ النَّجَاسَةِ) في غيرِ محلِّ التَّطْهير، فينجُس إجماعًا، حكاه ابن المنذِر (١).

وحكى ابن البَنَّاء: أنَّ بعضهم أخذ من كلام الخِرَقِي العفو عن يسير الرَّائحة، وهو شاذٌّ؛ إذ لا فرق بين كثير التَّغير ويسيره.

يحرُم (٢) استعمالُه إلَّا ضرورةً لدفع عطشٍ أو لُقمةٍ (٣)، ويجوز سقيه البهائم قياسًا على الطَّعام إذا تنجَّس، وقال الأَزجِي: لا يجوز قربانُه بحال، بل يُراق.

(فَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَهُوَ يَسِيرٌ فَهَلْ يَنْجُسُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ)؛ أظهرهما: ينجُس، قال في «النهاية»: (وعليه الفتوى)، وقدَّمه في «المحرر»، وجزم به في «الوجيز»؛ لما روى ابن عمر قال: سئل النَّبيُّ عن الماء يكون بالفلاة، وما ينوبه من الدَّواب والسِّباع، فقال: «إذا بلغ الماء قُلَّتين لم ينجسه شيء»، وفي رواية: «لم يحمل الخبث» رواه الخمسة، والحاكم وقال: (على شرط الشَّيخين)، ولفظه لأحمد، وسئل ابن معين عنه فقال: (إسناده جيد)، وصحَّحه الطَّحاوي، قال الخطابي: (ويكفي شاهدًا على صحَّته أنَّ نجوم أهل الحديث صحَّحوه) (٤)، ولأنَّه أمر بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب، ولم


(١) الإجماع لابن المنذر ص ٣٥.
(٢) قوله: (يحرم) هو في (أ): ويحرم، وفي (ب) و (ز): مسألة: يحرم.
(٣) في (أ): لقمة أو عطش.
(٤) أخرجه أحمد (٤٦٠٥)، وأبو داود (٦٣)، والترمذي (٦٧)، والنسائي (٥٢)، وابن ماجه (٥١٧)، والحاكم (٤٥٨)، وصححه الخطابي، وابن خزيمة، وابن حبان، والدارقطني، والبيهقي، وغير واحد من الأئمة، وتكلم فيه ابن عبد البر وغيره، وأُعلَّ بالاضطراب في إسناده وألفاظه، وقيل: الصواب وقفه. ينظر: تاريخ ابن معين رواية الدوري (٤١٥٢)، معالم السنن للخطابي ١/ ٣٦، التلخيص الحبير ١/ ١٣٥.