للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا، فَشَرِبَهُ، أَوْ: لَا يَشْرَبُهُ، فَأَكَلَهُ، فَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَحْنَثُ)، هذا روايةٌ؛ لِأنَّ الحالِفَ على تَرْكِ شَيءٍ يَقصِدُ به في العُرْف: اجْتِنابَ ذلك الشَّيء بالكُلِّيَّة، فحُمِلَت اليمينُ عَلَيهِ، ألَا تَرَى إلى قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ﴾ [النِّسَاء: ٢]، فإنَّه يَتناوَلُ تحريمَ شُرْبِها، ولو قال طبيبٌ (١) لمريضٍ: لا تأكُل العَسَلَ؛ كان ناهِيًا له عن شُرْبِه، وبالعَكْس.

(وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا، فَثَرَدَ (٢) فِيهِ وَأَكَلَهُ: لَا يَحْنَثُ)، هذه روايةٌ (٣) ثانِيَةٌ نَقَلَها مُهَنَّى (٤)، وقدَّمها في «المحرَّر»؛ لِأنَّ الأفْعالَ أنْواعٌ كالأعيان، وإنْ حَلَفَ على نَوعٍ مِنْ الأنواع؛ لم يَحنَثْ بغَيرِه، كذلك الأفْعالُ.

(فَيُخَرَّجُ فِي كُلِّ مَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ فَشَرِبَهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُهُ فَأَكَلَهُ؛ وَجْهَانِ) مَبْنِيَّانِ على الخِلافِ السَّابِقِ.

(وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ عَيَّنَ المَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَمْ يَحْنَثْ)، هذا رِوايَةٌ، وجَزَمَ بها في «الوجيز»؛ لِأنَّ تغيُّر (٥) صِفَة المحْلُوف عَلَيه لا يَنفِي الحِنْثَ، فكذلك تَغَيُّرُ صِفَةِ الفِعْل، وإذا لم يُعَيِّنْه؛ فلا حِنْثَ؛ لِأنَّه لم تحصل (٦) المخالَفة مِنْ جِهَةِ الاِسْم، ولا (٧) من جِهَةِ التَّعْيِينِ.


(١) في (ن): طيب.
(٢) في (م): فتردد.
(٣) قوله: (رواية) سقط من (ظ) و (م).
(٤) ينظر: زاد المسافر ٤/ ٤٨٦.
(٥) في (م): تغيير.
(٦) في (ظ) و (م): لم يحصل.
(٧) في (م): وإلا.