للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي (١)

الأَدَبُ؛ بفَتْحِ الهمزة والدَّال، وضَمُّها لُغَةٌ: إذا صار أَدِيبًا في خُلُقٍ أوْ عِلْمٍ.

فَأَدَبُ القاضي: أخْلاقُه الَّتِي يَنبَغِي له (٢) أنْ يَتخَلَّقَ بها، والخُلُقُ: صُورَتُه الباطنةُ.

(يَنْبَغِي)؛ أيْ: يُسَنُّ (أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ)؛ لِئَلَّا يَطمَعَ فيه الظَّالِمُ، والعُنْفُ ضِدُّ الرِّفْق.

(لَيِّنًا مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ)؛ لِئَلَّا يَهابَه صاحِبُ الحقِّ، وظاهِرُ «الفُصول»: يَجِبُ ذلك.

(حَلِيمًا)؛ لِئَلاَّ يَغضَبَ مِنْ كلامِ الخَصْمِ، فيَمنَعَه ذلك من الحُكْم بَينَهم.

(ذَا أَنَاةٍ (٣)، الأناة (٤): اسْمُ مَصدَرٍ؛


(١) كتب في هامش (ظ): (والأدب: الدعاء والطلب لغة، والتخلق بأخلاق جميلة، وخصال مرضية عرفًا، والقضاء لغة: إما الإلزام، أو الإحكام، أو الفراغ، أو التقدير، أو إقامة الشيء مقام غيره، وشرعًا: قول ملزم صدر عن ولاية عامة، وأريد بأدب القضاء التزام القاضي ما هو مندوب إليه شرعًا وعرفًا، من رفع ظلم وإيصال حق إلى مستحقه، وجري على سنن السنة).
وكتب أيضًا: (القاضي يحتاج إلى خصال حميدة، يصلح بها للقضاء، وهذا الباب لبيان ذلك، والأدب: اسم يقع على كل رياضة محمودة، يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل، قاله أبو زيد، ويجوز أن يعرف بأنه: ملكة تعصم من قامت به عما يشينه، ولا شك أن القضاء بالحق من أقوى الفرائض وأشرف العبادات بعد الإيمان بالله تعالى، أمر الله به كل مرسل حتى خاتم الرسل محمد ، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ﴾، وقال: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾).
(٢) قوله: (له) سقط من (م).
(٣) في (ظ) و (م): أناءة.
(٤) في (م): الأناءة.