للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ)

هي (١) مُفاعَلةٌ من الزَّرْع، وهي دَفْعُ أرْضٍ وحَبٍّ لِمَنْ يَزْرَعُه ويَقُومُ عليه، بِجُزْءٍ مُشاعٍ معلومٍ منه.

(تَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ بِجُزْءٍ) مُشاعٍ (مَعْلُومٍ (٢)، يُجْعَلُ لِلْعَامِلِ مِنَ الزَّرْعِ)، هذا قَولُ أكثرِ العلماء، قال البُخارِيُّ: (قال أبُو جَعْفَرٍ: «ما بالمدينة أهلُ بَيتٍ إلاَّ يَزْرَعُون علَى الثُّلُثِ والرُّبُعِ» (٣)، وزارَعَ عليٌّ (٤)، وابنُ مَسْعُودٍ وسَعْدٌ (٥)، وعُمَرُ ابنُ عبدِ العَزِيزِ، والقاسِمُ، وعُرْوَةُ، وآلُ أبِي بكْرٍ، وآلُ عُمَرَ (٦)، وابْنُ سِيرِينَ، وعامَلَ عُمَرُ عَلَى أنَّه إنْ جاء بالبَذْر فله الشَّطْرُ، وإنْ جاؤوا بالبَذْر فلهم كذا (٧).


(١) في (ح): وهي.
(٢) في (ح): ومعلوم.
(٣) علقه البخاري بصيغة الجزم (٣/ ١٠٤)، ووصله عبد الرزاق (١٤٤٧٦)، وإسناده صحيح.
(٤) أخرج عبد الرزاق (١٤٤٧١)، وابن أبي شيبة (٢١٢٣٤)، عن علي : «أنه لم ير بأسًا بالمزارعة على النصف»، وفيه صخر بن الوليد، لم نقف على من وثَّقه غير ابن حبان على قاعدته، وسكت عنه البخاري وابن أبي حاتم، وقد علقه البخاري بصيغة الجزم (٣/ ١٠٤).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة (٢١٢٢٨)، عن إبراهيم بن مهاجر، عن موسى بن طلحة، قال: «كان سعد وابن مسعود يزارعان بالثلث والربع»، وأخرجه عبد الرزاق (١٤٤٧٠)، وابن أبي شيبة (٢١٢٢٦)، وسعيد بن منصور كما في التغليق (٣/ ٣٠١)، والطحاوي في معاني الآثار (٥٩٥٩)، وفي مشكل الآثار (٧/ ١٢٤)، وابن منده كما في التغليق (٣/ ٣٠١)، والبيهقي في الكبرى (١١٧٩٥)، من طرق عن إبراهيم بن مهاجر به نحوه. ولا بأس بإسناده، إبراهيم بن مهاجر البجلي متكلم فيه، قال في التقريب: (صدوق لين الحفظ)، ومثله يُقبل في الموقوفات.
(٦) أخرجه عبد الرزاق (١٤٤٧٧)، وابن أبي شيبة (٢١٢٣٢)، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: «آل أبي بكر وآل عمر وآل علي، يدفعون أرضيهم بالثُّلث والرُّبع». وإسناده صحيح.
(٧) علقه البخاري بصيغة الجزم، (٣/ ١٠٤)، ووصله ابن أبي شيبة (٣٧٠١٦)، عن أبي خالد الأحمر، عن يحيى بن سعيد. وهذا مرسل. وأخرجه الطحاوي في معاني الآثار (٥٩٦٠)، والبيهقي في الكبرى (١١٧٤٠)، ومن طريقه ابن حجر في التغليق (٣/ ٣٠٤)، من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، أخبرهم عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن عمر بن عبد العزيز بنحوه. قال الحافظ: (وهذان خبران مرسلان، يتقوى أحدهما بالآخر، واختلافهما في الكمية هو المقتضي لكون البخاري أبهم المقدار)، واعترض عليه الألباني في الإرواء ٥/ ٣٠٣ بأن من شروط التقوية في مثل هذا: أن يكون شيوخ كل من المرسلين غير شيوخ الآخر، وهذا لم يتحقق هنا، فإن مدار الحديث على يحيى بن سعيد، ولكن هذا كان تارة يعضله فلا يذكر إسناده، وتارة يذكره ويسنده إلى عمر بن عبد العزيز، وهو لم يدرك عمر بن الخطاب، فكان الحديث منقطعًا لا شاهد له، فهو ضعيف)، إلا أن مثل هذا الفعل من عمر مما ينتشر، فمرسل عمر بن عبد العزيز في مثله مقبول، ولعل هذا ما جعل البخاري يجزم به.