للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(بَابُ الرَّهْنِ) (١)

هو في اللُّغة: الثُّبوت والدَّوام، يقال: ماءٌ راهِنٌ؛ أيْ: راكِدٌ، ونِعْمةٌ راهِنةٌ؛ أيْ: دائمةٌ.

وقيل: هو الحَبْسُ (٢)؛ لقوله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)[المدَّثِّر: ٣٨]؛ أيْ: محبوسةٌ، وهو قريبٌ من الأوَّل؛ لأنَّ المحبوسَ ثابِتٌ في مكانٍ لا يُزايِله.

قال الشَّاعِرُ:

وَفَارقَتْكَ بِرَهْنٍ لا فِكَاكَ له

يَومَ الوَدَاعِ فأَضْحَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا (٣)

شبَّه (٤) لُزوم قلبه لها واحْتِباسَه عندها لِوَجْدِه بها؛ بالرَّهن الَّذي يَلْزَمُه المرتَهِن فيَحْبِسُه عنده، ولا يفارِقه، وغَلقُ الرَّهْنِ: اسْتِحْقاقُ المرتَهِن إيَّاه لِعَجْز الرَّاهن عن فِكاكِه.

(وَهُوَ وَثِيقَةٌ بِالْحَقِّ)؛ لأِنَّ الحقَّ يُستوفَى منه عند تعذُّر الوفاء من المدِين.

فعلى هذا: هو في الشَّرع: جَعْلُ عَينٍ ماليَّةٍ وثيقةً بِدَينٍ، يُسْتَوْفَى منها عند تعذُّر اسْتِيفائِه ممَّن هو عليه.

وفي «الزَّرْكَشِيِّ»: توثقةُ دَينٍ بعَينٍ، أو بدَينٍ على قَولٍ، يُمكِنُ أخْذه منه إن تعذَّر الوفاء من غيره.

وهو جائِزٌ بالإجْماع، وسَنَدُه قوله تعالى: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البَقَرَة: ٢٨٣]، والسُّنَّةُ مُسْتفِيضَةٌ بذلك.


(١) كتب في هامش (ظ): (بلغ بأصل المصنف رحمه الله تعالى).
(٢) في (ح): الجنس.
(٣) ينظر: ديوان زهير بن أبي سلمى ص ٧٢، وفيه: (فأمسى) بدل (فأضحى).
(٤) في (ح): أشبه.