للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ)

هذا البابُ مَعْقُودٌ لِبَيانِ ذَوِي الأرحام، وبَيانِ مِيراثِهم.

والأرْحامُ: جَمْعُ رَحِمٍ، بِوَزْنِ كَتِفٍ، وفِيهِ اللُّغاتُ الأربعُ في الفَخِذِ، وهو بَيْتُ مَنْبتِ الوَلَدِ، ووِعاؤه في البَطْنِ.

وقال الجَوهَرِيُّ: الرَّحِمُ رَحِمُ الأنْثَى، وهي مؤنَّثةٌ، والرَّحِمُ: القَرابةُ (١).

وقال صاحِبُ «المطالِعِ»: هي مَعْنًى من المعاني، وهو النَّسَبُ والاِتِّصالُ (٢) الذي يجمع والده (٣)، فسُمِّيَ المعْنَى باسْمِ ذلك المحلِّ تقريبًا للأفهام (٤).

ثُمَّ يُطلَقُ الرَّحِمُ على كلِّ قرابةٍ، والمرادُ هنا: قَرابَةٌ مخصوصةٌ، بدليلِ قَولِه: (وَهُمْ كُلُّ قَرَابَةٍ لَيْسَ بِذِي فَرْضٍ، وَلَا عَصَبَةٍ)، وهم أحدُ الأقْسام المذْكُورِينَ في آخِرِ كِتابِ الفرائض.

ثُمَّ شَرَعَ في بَيانِ تَعْدادِهم، فقال: (وَهُمْ أَحَدَ عَشَرَ صِنْفًا: وَلَدُ الْبَنَاتِ، وَوَلَدُ الْأَخَوَاتِ، وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ، وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ، وَبَنُو الْإِخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ، وَالْعَمُّ مِنَ الْأُمِّ، وَالْعَمَّاتُ، وَالْأَخْوَالُ، وَالْخَالَاتُ، وَأَبُو الْأُمِّ، وَكُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِأَبٍ بَيْنَ أُمَّيْنِ، أَوْ بِأَبٍ أَعْلَى مِنَ الْجَدِّ، وَمَنْ أَدْلَى بِهِمْ)، فهؤلاءِ يُسَمَّونَ ذَوِي الأرحامِ، وهم وارِثُونَ حَيثُ لم تكُنْ (٥) عَصَبَةٌ، ولا ذُو فَرْضٍ من أهلِ الرَّدِّ، رُوِيَ ذلك عن عُمَرَ (٦)،


(١) ينظر: الصحاح ٥/ ١٩٢٩.
(٢) في (ق): والإيصال.
(٣) الذي في المطالع: يجمعه رحمُ والدةٍ.
(٤) ينظر: مطالع الأنوار ٣/ ١٣٣.
(٥) في (ق): لم يكن.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة (٣١١١٣)، عن زرٍّ، عن عمر: «أنه قسم المال بين عمة وخالة»، قال ابن التركماني ٦/ ٢١٧: (سند صحيح متصل). وأخرج سعيد بن منصور (١٥٤)، وابن أبي شيبة (٣١١١٤)، والطحاوي في معاني الآثار (٧٤٣٨)، والدارقطني (٤١٦١)، والبيهقي في الكبرى (١٢٢٢٠)، عن الشعبي، عن زياد قال: «أنا أعلم الناس بقضاء عمر بن الخطاب فيها، جعل العمة بمنزلة الأب فجعل لها الثلثين، وجعل الخالة بمنزلة الأم فجعل لها الثلث»، وإسناده صحيح إلى زياد، وهو ابن أبي سفيان كما جاء مصرحًا به عند الدارقطني، وضعف ابنُ حبان زيادًا كما في الميزان ٢/ ٨٦، وبه ضعف الألباني هذه الطريق في الإرواء ٦/ ١٤٣. وأخرجه عبد الرزاق (١٩١١٣)، وسعيد بن منصور (١٥٣)، وابن أبي شيبة (٣١١٢١)، عن الحسن: «أن عمر ورَّث الخالة والعمة، فورَّث العمة الثلثين، والخالة الثلث». وأخرجه سعيد بن منصور (١٦٥)، وابن أبي شيبة (٣١١١٨)، والدارمي (٣١٠٣)، من مرسل إبراهيم. وأخرجه الدارمي (٣٠٩٢)، والطحاوي في معاني الآثار (٧٤٤٣)، من مرسل بكر المزني. وأخرجه الطحاوي في معاني الآثار (٧٤٤٢)، من مرسل جابر بن زيد. وروي من وجوه أخرى، قال ابن التركماني ٦/ ٢١٧: (هذه وجوه كثيرة عن عمر يشدُّ بعضها بعضًا)، خلافًا للبيهقي في الكبرى ٦/ ٣٥٥، فإنه أعلَّها بالإرسال، وبمخالفة ما روي عن عمر عند مالك (٢/ ٥١٦).