للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَغْصُوبِ أُجْرَةٌ)؛ أيْ: مِمَّا تَصِحُّ إجارتُه؛ (فَعَلَى الْغَاصِبِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ مُقَامِهِ (١) فِي يَدِهِ)، نَصَّ عَلَيهِ في رواية الأثْرَم (٢)، سَواءٌ اسْتَوْفَى المنافِعَ أوْ تَرَكَها تَذْهَبُ؛ لأِنَّ كلَّ ما ضُمِنَ بالإتْلاف في العَقْد الفاسِدِ؛ جاز أن يَضْمَنَه بمجرَّد التَّلَفِ في يَدِه؛ كالأعيان، لكِنْ نَصَّ في قضايا فيها انْتِفاعٌ، يُؤيِّدُه ما نَقَلَه ابنُ منصورٍ (٣): إن زَرَعَ بلا إذْنٍ؛ عَلَيهِ أُجْرةُ الأرْض بِقَدْرِ ما اسْتَغَلَّها، فظاهِرُه: أنَّه لا شَيءَ عَلَيهِ إذا لم يَسْتَغِلَّها.

وعنه: لا يَضمَنُ المنافِعَ مطلَقًا؛ لقوله : «الخَراجُ بالضَّمان» (٤)، وضَمانُها على الغاصِبِ، وكَغَنَمٍ، أشْبَهَ ما لو زَنَى بامْرأةٍ مُطاوِعةٍ.

ورُدَّ: بأنَّه أتْلَفَ مالاً مُتَقَوِّمًا، فَوَجَبَ ضَمانُه كالعَينِ، والخَبَرُ وارِدٌ في البَيع، والمرأةُ رَضِيَتْ بإتْلافِ منافِعِها بغَيرِ عِوَضٍ ولا عَقْدٍ، فكان كالإعارة، والغَنَمُ ونحوُها لا مَنافِعَ لها تُسْتَحَقُّ بِعِوضٍ.

وعلى الأوَّل: لو غَصَبَ جارِيةً ومضى زَمَنٌ يُمكِنُ وطْؤُها؛ لم يَضمَنْ مَهْرَها؛ لأِنَّ مَنافِعَ البُضْع لا تَتْلَفُ إلاَّ بالاِسْتِيفاء، بخِلافِ غَيرِها، ولو أطْرَقَ الفَحْلَ لم يَضمَنْ مَنفَعَتَه، لكِنْ عليه ضمانُ نَقْصِه، ولو أخَذَ مالِكُ الأرض الزَّرعَ لم يَكُنْ على الغاصِبِ أُجرَةٌ، إلاَّ أن يَأْخُذَه بِقِيمتِه، فتكونُ له الأجرةُ إلى وَقْتِ أخْذِه.


(١) في (ظ): بقائه.
(٢) ينظر: الروايتين والوجهين ١/ ٤١١.
(٣) لم نجدها في مسائل ابن منصور. وينظر: زاد المسافر ٤/ ٢٣٤.
(٤) سبق تخريجه ٥/ ١٣٠ حاشية (١).