للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ فِي حُكْمِ الظِّهَارِ)

(يَحْرُمُ وَطْءُ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ) إذا كان بالعتق أو الصِّيام، بغيرِ خلافٍ (١)؛ للآية، وكذا إنْ كان بالإطعام في قَولِ الجمهور؛ لِمَا رَوَى عِكرِمةُ عن ابن عبَّاسٍ: أنَّ رجلاً أتى النَّبيَّ فقال: إنِّي ظاهَرْتُ من امرأتي فَوَقَعْتُ عليها قبلَ أنْ أُكفِّرَ، فقال: «ما حَمَلَكَ على ذلك يَرحَمُكَ الله؟!» فقال: رأيتُ خَلْخالَها في ضَوءِ القَمَر، فقال: «لا تَقرَبْها حتَّى تَفْعلَ ما أمَرَكَ الله به» رواه أبو داودَ، والتِّرمذي وحسَّنَه، والنَّسائِيُّ، وقال: المرسَلُ أَوْلَى بالصَّوابِ (٢).

(وَهَلْ يَحْرُمُ الاِسْتِمْتَاعُ بِمَا (٣) دُونَ الْفَرْجِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ):

أظْهَرُهُما: أنَّه يَحرُمُ، اختارَهُ أبو بكرٍ وابنُ عَقِيلٍ، وقدَّمه في «المستوعب» و «الفروع»؛ لأِنَّ ما حرَّمَ الوَطْءَ من القول؛ حرَّمَ دَواعِيَهُ؛ كالطَّلاق والإحرام.

والثَّانيةُ: يَجوزُ، نَقَلَها الأكْثَرُ (٤)، وفي «التَّرغيب»: هي أظْهَرُهما؛ لأِنَّه تحريمٌ يتعلَّقُ بالوَطْء، فيه كفَّارةٌ، فلم يَتجاوَزْهُ التَّحريمُ؛ كوَطء الحائض، والمرادُ من التَّمَاسِّ في الآية: الجِماعُ.

(وَعَنْهُ: لَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا (٥) إِذَا كَانَ التَّكْفِيرُ (٦) بِالْإِطْعَامِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ) وأبو إسحاقَ، وقالَه أبو ثَورٍ؛ لأِنَّ اللهَ لم يَذكُر المسيسَ فيه، كما ذَكَرَه في العتق والصيام (٧).


(١) ينظر: المغني ٨/ ٢١.
(٢) سبق تخريجه ٨/ ٤٢٤ حاشية (٢).
(٣) في (ظ): بها.
(٤) ينظر: مسائل ابن منصور ٤/ ١٦٣٧، مسائل حرب ٢/ ٧٢١، زاد المسافر ٣/ ٣٣٣.
(٥) قوله: (وطؤها) سقط من (م).
(٦) في (م): كالتكفير.
(٧) في (م): في الصيام.