للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ)

الكفَّارةُ مَأخُوذةٌ من الكَفْرِ، وهو: السَّتْرُ؛ لأِنَّها تُغَطِّي الذَّنْبَ وتَسْتُره.

والأصْلُ فيها الإجْماعُ (١)، وسَنَدُه قَولُه تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النِّسَاء: ٩٢]، فذَكَرَ في الآية ثلاثَ كفَّاراتٍ:

إحْداهُنَّ: يَقتُلُ المسلِمَ في دارِ الإسْلامِ خَطَأً.

الثَّاني: يَقتُلُه في دارِ الحرب وهو لا يَعرِفُ إيمانَه، بقوله (٢): ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النِّسَاء: ٩٢].

الثَّالِثُ: يَقتُلُ المعاهَدَ، وهو: الذِّمِّيُّ في دارِ الإسلام؛ لقوله ﷿: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النِّسَاء: ٩٢].

فأوْجَبَ الكفَّارةَ بالقَتْلِ في الجملة، وسَواءٌ كان المقتولُ ذكرًا أوْ أنْثَى، صغيرًا كان أوْ كبيرًا.

(وَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُحَرَّمَةً خَطَأً)؛ للآية الكريمةِ، سواءٌ قَتَلَها بمُباشَرَةٍ أوْ سببٍ (٣) بعدَ مَوتِه، نَصَّ عليه (٤)، بغَيرِ حقٍّ، ولو مُسْتَأْمِنًا.

وظاهِرُه: ولو قَتَلَ نَفْسَه.

(أَوْ مَا أُجْرِيَ مُجْرَاهُ)؛ لأِنَّه أُجْرِيَ مُجْراهُ في عَدَمِ القِصاصِ، فكذا يجِبُ أنْ يُجْرَى مُجْراهُ في الكفَّارة.


(١) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ١٢٧.
(٢) في (م): لقوله.
(٣) في (ن): تسبب.
(٤) ينظر: الفروع ١٠/ ١٤.