للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ)

ومَعْنَى أصولِ المسائل: المخارِجُ التي تَخرُجُ منها فُروضُها.

والمسائلُ: جَمْعُ مسألةٍ، وهو مَصدَرُ سَأَلَ سؤالاً ومسألةً، فهو من إطْلاقِ المصدَر على المفعول بمَعْنَى مسألةٍ؛ أيْ: مسؤولةٍ بمَعْنَى سَألَ عنها.

وفيه العَولُ أيضًا، يقال: عَالَتْ؛ أي: ارْتَفَعتْ، وهو ازْدِحامُ الفرائض، بحَيثُ لا يَتَّسِعُ لها المالُ، فيَدخُل النَّقْصُ عَلَيهِم كلِّهم، ويُقسَمُ المالُ بَينَهم على قَدْرِ فُروضِهم، كما يُقسَمُ مالُ المفْلِس بَينَ غُرَمائه بالحِصَص.

وقال ابنُ عبَّاسٍ (١)، ومحمَّدُ بنُ الحَنَفِيَّة، ومحمَّدُ بنُ عليِّ بنِ الحُسَينِ، وعَطاءٌ: لا تَعُولُ المسائلُ، ويَلزَمُه مسألةٌ فيها زَوجٌ وأمٌّ وأَخَوانِ من أمٍّ، فإنْ حَجَبَ الأمَّ إلى السُّدس؛ خالَفَ مَذْهَبَه، فإنَّه لا يَحجُبُها بأقلّ من ثلاثةِ إخْوةٍ، وإنْ نَقَصَ الإخوةَ من الأمِّ؛ رَدَّ النَّقْصَ على مَنْ لم يُهْبِطْه الله من فرضٍ إلى ما بَقِيَ، وإنْ أعالَ المسألةَ رَجَعَ إلى قَولِ الجماعة وتَرَكَ مذْهَبَه، قال في «المغْنِي» و «الشَّرح»: ولا نَعلَمُ اليومَ قائِلاً بمَذْهَبِه.

(الْفُرُوضُ) المقدَّرةُ في كتاب الله تعالى (سِتَّةٌ، وَهِيَ نَوْعَانِ: نِصْفٌ)، بَدَأَ الفَرَضِيُّونَ به؛ لكونه مُفرَدًا، قاله السُّبْكِيُّ، قال: (وكنتُ أَوَدُّ لو بَدَؤُوا بالثُّلثَينِ؛ لأِنَّ الله تعالى بدأَ به، حتَّى رأيتَ أبا النَّجا (٢)، والحسينَ بنَ محمَّدٍ الوَنِّي (٣)، بَدَأَا به، فأعْجَبَنِي ذلك) (٤)،


(١) تقدم تخريجه ٧/ ٢٦ حاشية (٢).
(٢) هو: محمد بن المطهر بن عبيد، أبو النجا، الفارض، الضرير، فقيه مالكي، قال ابن يونس: كان حاذقًا عالمًا بالفرائض، ذكيًّا، أديبًا، توفي سنة ٣٣٩ هـ ينظر: المقفى للمقريزي ٧/ ١٤٩.
(٣) في (ق): المزني.
(٤) ينظر: تحرير الفتاوى ٢/ ٣٩٨، بداية المحتاج ٢/ ٥٤١.