للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ)

(كُلُّ مَنْ بَاشَرَ الْعِتْقَ، أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ) لِسَبَبٍ مِنْ الأسباب؛ (لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ بِحَالٍ)؛ لقَوله : «الوَلاءُ لمَنْ أَعْتَقَ» (١)، ولأِنَّ غَيرَه لَيس مِثلَه في النِّعمة، ولأِنَّ مُقتَضَى الدَّليلِ أنْ لا يَنتَقِلَ حقٌّ عن (٢) مُستَحِقِّه، خُولِفَ فِيمَن اشْتَرَى أبَا مَنْ عليه الوَلاءُ تَبَعًا لأُمِّهم، فيَبقَى ما عَداهُ على مُقتَضَى الأصلِ.

(فَأَمَّا إِنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ مُعْتَقَةً فَأَوْلَدَهَا)؛ فَوَلَدُه منها أحْرارٌ، (وَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوَالِي أُمِّهِ)؛ لأِنَّهم سببُ الإنْعام على الوَلَد؛ لكَونِه انْعَتَقَ بعِتْقِ أُمِّه.

(فَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ سَيِّدُهُ؛ انْجَرَّ وَلَاءُ وَلَدِهِ (٣) إِلَيْهِ)، أيْ: إلى مُعتِق العَبْد في قَولِ الجُمْهور من الصَّحابة ومَن بَعْدَهم؛ لِمَا رَوَى عبدُ الرَّحمن عن الزُّبَيرِ: «أنَّه لَمَّا قَدِمَ خَيبَرَ رأى فِتْيةً لُعْسًا (٤)، فأعْجَبَه ظرفُهم وجَمالُهم، فسأل عنهم، فقيل: مَوالِي رافِعِ بنِ خَدِيجٍ، وأبُوهُم مَمْلوكٌ لآِلِ الحُرَقَة، فاشْتَرَى الزُّبَيرُ أباهم فأعْتَقَه، وقال لأِوْلادِه: انْتَسِبُوا إليَّ، فإنَّ ولاءَكم لي، فقال رافِعٌ: بل هُوَ لِي، فإنَّهم عَتَقُوا بعِتْقِ أُمِّهم، فاحْتَكَمُوا إلى عُثْمانَ، فَقَضَى بالوَلاء للزُّبَير» (٥)، وأجْمَعَت عَلَيهِ الصَّحابةُ، ولأِنَّ الأبَ لمَّا كان مملوكًا؛ لم يَصلُحْ


(١) أخرجه البخاري (٤٥٦)، ومسلم (١٥٠٤)، من حديث عائشة .
(٢) في (ظ): غير.
(٣) قوله: (ولاء ولده) هو في (ق): ولاؤه.
(٤) في (ق): لغشًا.
(٥) أخرجه عبد الرزاق (١٦٢٨١)، وابن أبي شيبة (٣١٥٤٠)، عن محمد التيمي مرسلاً. وأخرجه عبد الرزاق (١٦٢٨٣)، وابن أبي شيبة (٣١٥٣٩)، والبيهقي في الكبرى (٢١٥١٨)، عن هشام بن عروة، عن أبيه. قال الألباني في الإرواء: (سند صحيح، على خلاف في سماع عروة من أبيه الزبير). وأخرجه مالك (٢/ ٧٨٢)، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن مرسلاً. وروي من وجوه أخرى مرسلة. قال البيهقي: (هذا هو المشهور عن عثمان .