للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ)

(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَأَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الذِي فِي الْكُوزِ، وَلَا مَاءَ فِيهِ، أَوْ لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ، أَوْ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ، أَوْ لَأَطِيرَنَّ، أَوْ إِنْ لَمْ أَصْعَدِ السَّمَاءَ وَنَحْوُهُ؛ طَلَقَتْ فِي الْحَالِ)، هذا المذهَبُ، كما لو قال: أنتِ طالِقٌ إنْ لم أبِعْ عَبْدِي، فماتَ العبدُ، ولأِنَّه علَّق الطَّلاق على نفيِ فعلِ المستحيل، وعدمُه معلومٌ في الحال وفي الثَّاني، فوقع (١) الطَّلاق.

(وَقَالَ أَبُو الخَطَّابِ (٢) فِي مَوْضِعٍ: لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ)، وحكاهُ عن القاضي (٣)؛ لأِنَّ اليمينَ المنعَقِدةَ هي الَّتي يمكن (٤) فيها البِرُّ والحِنْثُ، وهو مُنْتَفٍ هنا.

قال في «الشَّرح»: والصَّحيحُ أنَّه يَحنَثُ، فإنَّ الحالِفَ على فِعْلِ الممتَنِع كاذِبٌ حانِثٌ، قال الله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ … (١٠٩)﴾ الآيةَ [الأنعَام: ١٠٩]، ولأِنَّه لو حَلَفَ على فِعْلِ مُتَصوَّرٍ فصار ممتنِعًا حَنِثَ، فهذا أَوْلَى.

وقِيلَ: لا تطلُق في المُحالِ لذاته، وأنَّ المُحالَ عادةً كالمُمْكِن في تأخير الحِنْث إلى آخِرِ حياته.

وقِيلَ: إنْ وقَّته (٥)؛ كقوله: لَأَطيرنَّ اليومَ؛ لم تطلُقْ إلاَّ في آخِرِ الوقت، وإنْ أطلَق؛ طلقَتْ في الحالِ، وذَكَرَه أبو الخَطَّاب اتِّفاقًا.


(١) قوله: (فوقع) في (ظ): فإنَّه يوقع. والمثبت موافق للشرح الكبير.
(٢) قوله: (أبو الخطاب) سقط من (م).
(٣) قوله: (عن القاضي) سقط من (م).
(٤) قوله: (يمكن) سقط من (م).
(٥) في (م): وقفه.