للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ شُرُوطِ الْقِصَاصِ)

(وَهِيَ أَرْبَعَةٌ)، وسَيَذْكُرُها المؤلِّفُ.

(أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مُكَلَّفًا)؛ لأِنَّ القِصاصَ عُقوبةٌ، وغَيرُ المكلَّفِ لَيسَ مَحَلًّا لها.

(فَأَمَّا الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ؛ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا)، بغَيرِ خِلافٍ (١)؛ لأِنَّ التَّكليفَ مِنْ شُروطِه، وهو مَعدومٌ، وكذا إذا كان زائلَ العَقْلِ بِسَبَبٍ يُعذَرُ فيه؛ كالنَّائمِ والمُغْمَى عَلَيهِ؛ لأِنَّه لا قَصْدَ لهم صحيحٌ.

فلو قال القاتِلُ: كنتُ يَومَ القَتْلِ صغيرًا، أوْ مجنونًا؛ صُدِّقَ مع الإمْكانِ بيَمِينِه، وإنْ قال: أنا الآنَ صغيرٌ؛ فلا قَوَدَ ولا يمين (٢).

(وَفِي السَّكْرَانِ وَشِبْهِهِ)؛ كمَنْ زالَ عَقْلُه بسببٍ غَيرِ مَعْذورٍ فيه؛ كمَنْ يَشرَبُ الأَدْوِيةَ المُجنِّنة (٣)؛ (رِوَايَتَانِ)، وذَكَرَ أبو الخَطَّاب: أنَّ ذلك مبنيٌّ على طلاقه، وفيه رِوايَتانِ، فيكونُ في وُجوبِ القِصاصِ عَلَيهِ وَجْهانِ:

أحدُهما: لا يَجِبُ عليه (٤)؛ لأِنَّه زائلُ العَقْل، أشْبَهَ المجْنونَ، ولأِنَّه غَيرُ مُكلَّفٍ، أشْبَهَ الصَّبِيَّ.

(أَصَحُّهُمَا: وُجُوبُهُ عَلَيْهِ)، نَصَرَه في «المغْنِي» و «الشَّرح»، وجَزَمَ به القاضي وصاحِبُ «الوجيز»؛ لأِنَّ الصَّحابةَ أوْجَبُوا عليه حَدَّ القَذْفِ، وإذا وجب (٥) الحَدُّ؛ فالقِصاصُ المتمحِّضُ (٦) حقَّ آدَمِيٍّ أَوْلَى،


(١) ينظر: مراتب الإجماع ص ١٤٢، المغني ٨/ ٢٨٤.
(٢) قوله: (فلو قال القاتل: كنت يوم القتل … ) إلى هنا سقط من (م).
(٣) في (م): المخشية، وفي (ظ): المخثبة.
(٤) قوله: (عليه) سقط من (م).
(٥) في (م): أوجب.
(٦) في (م): الممحض.