للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ اللِّعَانِ)

هو مَصدَرُ لَاعَنَ لِعانًا، إذا فَعَلَ ما ذُكِرَ، أوْ لَعَنَ كلُّ واحدٍ منهما الآخَرُ، وهو مشتقٌّ من اللَّعْن؛ لأِنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَلعَنُ نفسَه في الخامسة.

وقال القاضي: سُمِّيَ به؛ لأِنَّ أحدَ الزَّوجَينِ لا يَنفَكُّ عن أنْ يكونَ كاذِبًا، فتَحصُلُ اللَّعنةُ عليه، وهي الطَّرْدُ والإبعاد، يقال: لَعَنَه اللهُ؛ أيْ: باعَدَه، والْتَعَنَ الرَّجلُ: إذا لَعَنَ نفسَه مِنْ قِبَلِ نَفْسِه.

واللِّعانُ لا يكونُ إلاَّ من اثنَينِ، يُقالُ: لاعَنَ امرأتَه لِعانًا، ومُلاعَنَةً، وتَلاعَنَا بمَعْنًى، ولَاعَنَ الإمامُ بَينَهما، ورَجُلٌ لُعَنَة، بوَزْنِ هُمَزَةٍ: إذا كان يَلعَنُ النَّاسَ كثيرًا، ولُعْنةً، بسكون العَين: إذا كان يَلعَنُه النَّاسُ.

وشَرْعًا: شهادات (١) مؤكَّدات بأيمان (٢) من الجانِبَينِ، مقرونةٌ باللَّعن والغضب، قائمةٌ مَقامَ حدِّ قَذْفٍ (٣) في جانبه، وحدِّ زِنًى في جانِبها.

والأصلُ فيه: قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ … (٦)﴾ الآياتِ [النُّور: ٦]، نَزَلَتْ سنة (٤) تِسْعٍ، مُنصَرَفُه مِنْ تَبوكَ، في عُوَيمرٍ العجلاني أوْ هلال بن أميَّةَ (٥)، ويَحتَمِلُ أنَّها نَزَلَتْ فيهما، ولم يَقَعْ بعدَها بالمدينة إلاَّ في


(١) في (م): بشهادات.
(٢) في (ظ): أيمان.
(٣) كتب على هامش (ظ): (لأن الله تعالى سماه شهادات).
(٤) قوله: (سنة) سقط من (م).
(٥) أخرجه الدارقطني (٣٧٠٩)، من حديث عبد الله بن جعفر ، وفي سنده: الواقدي وهو متروك، وذكر جمع من الأئمة أن اللعان كان في شعبان سنة تسع، منهم: الطبري وابن حبان وغير واحد من المتأخرين، ورجح ابن حجر من خلال مجموع من الأدلة أنها في شعبان سنة عشر لا تسع، ومن أظهرها أن سهل بن سعد شهد الواقعة، وفي البخاري (٦٨٥٤)، قال: «شهدتُ المتلاعنين وأنا ابن خمس عشرة سنة»، وتوفي رسول الله وعمره خمس عشرة سنة، قال ابن حجر: (فهذا يدل على أن قصة اللعان كانت في السنة الأخيرة من زمان النبي . ينظر: شرح النووي على مسلم ١٠/ ١٢٠، تفسير القرطبي ١٢/ ١٨٤، التوضيح لابن الملقن ١٦/ ٦٣٣، الفتح ٩/ ٤٤٧.