للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَامَّ الْوُجُودِ فِي مَحِلِّهِ) غالِبًا، بغير خلافٍ نعلمه (١)؛ لوجوب تسليمه إِذَنْ، (فَإِنْ كَانَ لَا يُوجَدُ فِيهِ)؛ لم يَصِحَّ؛ لأنَّه لا يمكن تسليمُه غالِبًا عند وجوبه، أشْبَهَ بَيعَ الآبِق، بل أَوْلَى.

(أَوْ لَا يُوجَدُ إِلاَّ نَادِرًا؛ كَالسَّلَمِ فِي الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ إِلَى غَيْرِ وَقْتِهِ)، كما لو أسلم فيهما إلى شُباطَ أو آذارَ؛ (لَمْ يَصِحَّ)؛ لاِنْتِفاء شرطه، ولأنَّه لا يُؤمَن انقطاعُه، فلا يَغْلبُ على الظَّنِّ القدرةُ على تسليمه عند وجوده، كما لو أسلم في جاريةٍ وولدها.

وظاهره: أنَّه لا يُشترَط وجوده حال العقد، وكذا لا يُشترَط عدمه في الأصح، حكاهما ابنُ عَبْدُوسٍ.

(وَإِنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ)، أو في نتاجٍ من فحل بني فلانٍ، أو غنمه، أو في مثل هذا الثَّوب؛ (لَمْ يَصِحَّ)؛ لأِنَّه لا يُؤمَن تَلَفُه وانقطاعه (٢)، أشْبَهَ ما لو أسلم في شيءٍ قدَّره بمِكيالٍ معلومٍ، أو صَنْجةٍ بعَينها.

دليلُ الأصل: ما رُوِيَ عن النَّبِيِّ أنَّه أسلف إليه يهوديٌّ من (٣) تمر حائط بني فلانٍ، فقال النَّبيُّ : «أمَّا من حائِطِ بَنِي فُلانٍ فلا» رواه ابنُ ماجَهْ، ورواه الجوزَجانِيُّ في «المترجم» (٤)، وقال: أجمع العلماء على كراهة


(١) ينظر: المغني ٤/ ٢٢١.
(٢) في (ح): انقطاعه.
(٣) في (ح): في.
(٤) أخرجه ابن ماجه (٢٢٨١)، وابن حبان (٢٨٨)، والطبراني في الكبير (٥١٤٧)، والحاكم (٦٥٤٧)، وإسناده ضعيف، فيه حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، ولم يروه عنه غير ابنه، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر: في التقريب: (مقبول)، وليس له متابع، وهو منقطع فإن حمزة لم يسمع من جده عبد الله بن سلام، وصححه ابن حبان والحاكم، وقال الذهبي: (غريب، من الأفراد)، وقال الهيثمي: (إسناده منقطع، ورجاله ثقات)، وضعفه البوصيري والألباني. ينظر: السيرة للذهبي المطبوع مع السير ٢/ ٢٦٠، مجمع الزوائد ٩/ ٣٢٦، زوائد ابن ماجه ٣/ ٣٦، الإرواء ٥/ ٢١٨.