للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ)

(وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ):

(حَالٌ لَهَا السُّدُسُ، وَهِيَ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ، أَوْ وَلَدِ الاِبْنِ)؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَلأِبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ﴾ [النِّسَاء: ١١]، وَوَلَدُ الوَلَد وَلَدٌ حقيقةً أوْ مَجازًا، قال الماوَرْدِيُّ: انْعَقَدَ الإجْماعُ في وَلَدِ الوَلَد، ولم يُخالِفْ فيه إلاَّ مُجاهِدٌ (١).

(أَوِ الاِثْنَيْنِ مِنَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ (٢)، كامِلِي الحُرِّيَّةِ في قَول الجُمهور، وقال ابنُ عبَّاسٍ: «لا يَحجُبُها عن الثُّلثِ إلى السُّدُس إلاَّ ثلاثةٌ»، وحُكِيَ عن مُعاذٍ (٣)؛ لقَوله تعالَى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ [النِّسَاء: ١١]، وأقلُّ الجَمْع ثلاثةٌ.

وجَوابُه: بأنَّ الجَمْعَ قد يُعَبَّرُ به عن الاِثْنَينِ، قال الزَّمَخْشَرِيُّ: لَفْظُ الإخْوةِ


(١) ينظر: الحاوي الكبير ٨/ ٩٧.
(٢) كتب في هامش (ظ): (وأحسن ما رأيت في تقرير هذه المسألة من الاستدلال للجماعة؛ ما قاله الزمخشري: فإن قيل كيف صح أن يتناول الإخوة للأخوين والجمع خلاف التثنية؟ قلت: الإخْوة تفيد معنى الجمعيَّة المطلقة من غير كمية، وأما التثنية كالتثليث والتربيع في إفادة الكمية، لا لدلالته على الجمع المطلق، وهذا موضع الدلالة على الجمع المطلق، فدل الإخوة عليه. قال صاحب الانتصاف [وهو لابن المنيِّر الإسكندري]: ولعله أحسن في هذا التقرير ما لم يحسن كثير من حُذَّاق الأصوليين، يريد فيكفي في تغاير وصفي الجمع والتثنية؛ أن الجمع يتناول الاثنين، ويتناول أزيد منهما، لك هذا، ولك هذا، وأما التثنية فقاصرة على الاثنين، فبينهما إذن هذا العموم والخصوص، فكل تثنية جمع، وليس كل جمع تثنية).
(٣) أثر معاذ لم نقف عليه، وذكر ابن المنذر المسألة والخلاف فيها في الإشراف ٤/ ٣٢٢، ولم يذكره عن معاذ، وأثر ابن عباس يأتي قريبًا.