للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ)

(وَإِذَا اشْتَدَّ الخَوْفُ)، المرادُ به حال المسايَفة، وهو أن يَتواصلَ الطَّعْن والكَرُّ والفَرُّ، ولم يُمكِن تفريقُ القوم، ولا صلاتُهم على ما سبق؛ (صَلَّوْا)؛ أي: يَلزَمهم فِعلُ الصَّلاة (رِجَالاً وَرُكْبَانًا، إِلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا)؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً﴾ [البَقَرَة: ٢٣٩] (١)، قال ابنُ عمرَ: «فإن كان (٢) خوفٌ أشدَّ من ذلك؛ صلَّوا رجالاً قيامًا على أقدامهم وركبانًا، مستقبِلي القِبلة وغير مستقبِلها» متَّفقٌ عليه، زاد البخاريُّ: (قال نافِعٌ: لا أرى ابنَ عمر ذكر ذلك إلاَّ عن النَّبيِّ ، ورواه ابن ماجَهْ مرفوعًا (٣)، ولأنَّه صلَّى بأصحابه في غير شدَّةِ الخوفِ، وأمرهم بالمشي إلى وِجاه العدوِّ وهم في الصَّلاة، ثم (٤) يعودون لقضاء ما بقي من صلاتهم (٥)، وهو مشيٌ كثيرٌ، وعملٌ


(١) كتب على هامش (و): (وقال ابن عباس في قوله تعالى:: «علم أنه يصلي الراكب على دابته، والرجل على رجليه، ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾، يعني: كما علمكم أن يصلي الراكب على دابته والراجل على رجليه» رواه ابن أبي حاتم، وقال جابر بن عتبة بن عبد الله: «إذا كانت المسايفة؛ فأومأ برأسه حيث كان وجهه؛ فذلك قوله: ﴿فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً﴾ [البَقَرَة: ٢٣٩]» رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم، وبهذا قال مجاهد وقتادة وإبراهيم وغيرهم، قال أبو حنيفة وابن أبي ليلى: لا يصلي مع المسايفة ولا مع المشي؛ لأنَّ النَّبيَّ لم يصلِّ يوم الخندق، وأخَّر الصَّلاة، وقال الشافعي: يصلي، لكن إن تابع المشي والطعن والضرب أو فعل ما يطول؛ بطلت صلاته، والأول الصحيح).
(٢) في (أ): وكان.
(٣) أخرجه البخاري (٤٥٣٥)، ومسلم (٨٣٩)، وابن ماجه (١٢٥٨)، وأشار ابن رجب وابن حجر إلى أنه اختلف في رفعه ووقفه، ورجح ابن حجر رفعه. ينظر: الفتح لابن رجب ٨/ ٣٥٦، الفتح لابن حجر ٢/ ٤٣٢.
(٤) قوله: (ثم) سقط من (أ).
(٥) كما في حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري (٩٤٢)، ومسلم (٨٣٩)، وأخرج البخاري (٩٤٤) من حديث ابن عباس ، وفيه: «فقام الذين سجدوا وحرسوا إخوانهم وأتت الطائفة الأخرى، فركعوا وسجدوا معه، والناس كلهم في صلاة، ولكن يحرس بعضهم بعضًا».