للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابٌ فِي اسْتِبْرَاءِ الإِمَاءِ)

لاِسْتِبراءُ بالمدِّ: طَلَبُ بَراءة الرَّحِم؛ كالاِسْتِعْطاء والاِسْتِمْناء: طَلَبُ العَطاء والمني (١)، وخُصَّ هذا بالأَمَة؛ للعِلْم ببَراءةِ رَحِمِها مِنْ الحَمْلِ، والحُرَّةُ وإنْ شارَكَت الأمةَ في هذا الغَرَضَ؛ فهي مُفارِقةٌ لها في التَّكرُّر، ولذلك يُستَعْمَلُ فيها لَفْظُ العِدَّة.

(وَيَجِبُ الاِسْتِبْرَاءُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ):

(أَحَدُهَا: إِذَا مَلَكَ أَمَةً) تَحِلُّ له ومِثْلُها يُوطَأُ لِمِثْلِه، قاله في «الرِّعاية»؛ (لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا) حتَّى يَستَبْرِئَها، بِكرًا كانَتْ أوْ ثَيِّبًا، صغيرةً كانَتْ أوْ كبيرةً، مِمَّنْ تَحمِلُ أوْ لا، في قَولِ أكثرِ العلماء.

وقال ابنُ عمرَ: «لا يَجِبُ اسْتِبْراءُ البكر (٢)»، ذَكَرَه البُخاريُّ (٣)؛ لأِنَّ الغَرَضَ بالاِسْتِبراء مَعرِفةُ براءتها من الحَمْل، وهذا معلومٌ في البِكْر.

وقال اللَّيثُ: إنْ كانَتْ مِمَّنْ لا تَحمِلُ؛ لم يَجِب اسْتبْراؤها.

وجَوابُه: ما رواه أحمدُ، وأبو داودَ، والبَيهَقِيُّ بإسْنادٍ جيِّدٍ، وفيه شَريكٌ القاضِي، عن أبي سعيدٍ: أنَّ النَّبيَّ قال: «لا تُوطَأُ حامِلٌ حتَّى تَضَعَ، ولا


(١) في (م): أو المني.
(٢) في (م): الاستبراء لبكر.
(٣) علقه البخاري بصيغة الجزم (٣/ ٨٣)، ووصله عبد الرزاق (١٢٩٠٦)، وابن أبي شيبة (١٦٦٢٤)، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: «إذا كانت الأمة عذراء لم يستبرئها»، قال البوصيري في إتحاف الخيرة ٤/ ١١٠: (رجاله رجال الصحيح). ونقل ابن منصور في مسائله ٤/ ١٦٥٦ توهين الإمام أحمد للأثر، وأن المعروف عن نافع، عن ابن عمر: «تستبرأ الأمة بحيضة»، ثم نقل قول إسحاق بن راهويه: بأنه قد صح وليس هذا بمخالف لقول ابن عمر هذا؛ لأن هذه غير عذراء.