للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَقْذِفَهَا بِالزِّنَى)؛ لأِنَّ كلَّ قَذْفٍ يَجِبُ به الحَدُّ، وسواءٌ في ذلك الأعْمَى والبصيرُ، نَصَّ عليه (١).

وقال أبو الزِّناد: لا يكونُ اللِّعانُ إلاَّ بأحدِ أمْرَينِ: إمَّا رؤيةٍ، وإمَّا إنكارِ الحَمْل؛ لأِنَّ آيةَ اللِّعان نَزَلَتْ في هِلالِ بنِ أمية (٢)، وكان قال: «رأيتُ بعَيْنِي وسَمِعْتُ بأُذُنِي» (٣).

وجوابُه: عمومُ الآية، والأخْذُ بعُمومِ اللَّفظ أَوْلَى من خصوص السَّبب.

(فَيَقُولُ: زَنَيْتِ، أَوْ يَا زَانِيَةُ، أَوْ رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ)، هذا بيانٌ لِمَعْنَى القَذْف، فإنْ قال: يا زانيةُ، فقالتْ: بل أنتَ زانٍ؛ فله اللِّعانُ وتُحَدُّ هي لقَذْفِه، فإنْ قال: زَنَى بك زَيدٌ في الدَّار؛ فلا.

(سَوَاءٌ قَذَفَهَا بِزِنًى فِي الْقُبُلِ)، وهو ظاهِرٌ، (أَوِ الدُّبُرِ)؛ لأِنَّه قَذَفَها بِزِنًى في الفَرْج، فوَجَبَ أنْ يكونَ حكمه كالقُبُلِ.

وعُلِمَ منه: أنَّه إذا قَذَفَها بالوطء دُونَ الفَرْج، أو بشَيءٍ من الفواحش غير الزِّنى؛ فلا حَدَّ ولا لعان؛ كما لو قَذَفَها بضَرْبِ النَّاس وأذاهُمْ.

(وَإِنْ قَالَ (٤): وُطِئْتِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ مُكْرَهَةً)، أو مع نَومٍ، أوْ إغْماءٍ، أوْ جنونٍ (٥)؛ لَزِمَه الولدُ، (وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا)، اختاره الخِرَقيُّ والمؤلِّفُ، وجَزَمَ به في «الوجيز»؛ لأِنَّه لم يَقذِفْها بِما يُوجِبُ الحَدَّ.


(١) ينظر: المغني ٢٣/ ٤٠٧.
(٢) قوله: (ابن أمية) سقط من (م).
(٣) سبق تخريجه من حديث ابن عباس ٨/ ٤٨٧ حاشية (٧).
(٤) قوله: (وإن قال) في (م): وقال.
(٥) في (م): وإغماء وجنون.