للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَعَنْهُ: إِنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ؛ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ)، اخْتارَهُ الأكْثَرُ، فيَنتَفِي بلِعانه وحْدَه؛ لأِنَّه يحتاج (١) إليه، وفي «المحرَّر»: رِوايَتانِ مَنصوصتانِ، ثُمَّ قال عن الثَّانية: وهي أصحُّ عندي (٢)، (وَإِلاَّ فَلَا).

(وَإِنْ قَالَ: لَمْ تَزْنِ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي؛ فَهُوَ وَلَدُهُ فِي الْحُكْمِ)؛ لقَوله : «الولدُ للفِراش» (٣)، (وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُما)؛ لأِنَّ هذا لَيسَ بقذفٍ بظاهِرِه؛ لاحتمال أنَّه يريد أنَّه مِنْ زوجٍ آخَرَ، أوْ مِنْ وطءِ شبهةٍ، أوْ غير ذلك.

وإن (٤) قال: ما وَلَدَتْه، وإنَّما الْتَقطَتْهُ، أو استعارَتْه، فقالت: بل هو وَلَدِي منك؛ لم يُقبَلْ قولُها إلاَّ ببيِّنةٍ، وهو قولُ أكثرِ العلماء، فعلى هذا: لا يَلحَقُه الولدُ إلاَّ أنْ تُقيم (٥) بيِّنةً، وهي امرأةٌ مرضيَّةٌ بِوِلادَتِها له.

وقِيلَ: يُقبَلُ قَولُها، فيَلحَقُه النَّسَبُ، وهل له نَفْيُه باللِّعان؟ فيه وجْهانِ.

(وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أَبَانَهَا، فَشَهِدَتِ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ؛ لَحِقَهُ نَسَبُهُ)؛ لأِنَّ شهادتَها بالوِلادة مقبولةٌ؛ لأِنَّها ممَّا لا يَطلِّع عليه الرِّجالُ.

(وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ، فَأَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا وَنَفَى الآْخَرَ؛ لَحِقَهُ نَسَبُهُمَا)؛ أي: إذا ولدتْ تَوأمَينِ وبَينَهما أقلُّ من ستَّةِ أشْهُرٍ؛ لأِنَّه حَمْلٌ واحِدٌ، فلا يَجُوزُ أنْ يكونَ بعضُه منه وبعضُه مِنْ غَيره؛ لأِنَّ النَّسبَ يُحتاطُ لإثْباته، لا لِنَفْيِه.

فإنْ قلتَ: لِمَ لَمْ يُحكَمْ بنَفْيِ ما أقرَّ به تَبَعًا للذي نفاهُ؟

قلتُ: ثبوتُ النسب (٦) مَبْنِيٌّ على التَّغليب، وهو يَثبُتُ بمجرَّد الإمكان وإنْ لم يَثبُت الوطءُ، ولا يَنتَفِي لِإمْكانِ النَّفْيِ، فافْتَرَقَا.


(١) في (م): محتاج.
(٢) زيد في (م): وحده.
(٣) أخرجه البخاري (٢٠٥٣)، ومسلم (١٤٥٧) من حديث عائشة .
(٤) في (م): فإن.
(٥) في (م): يقيم.
(٦) قوله: (يحتاط لإثباته لا لنفيه … ) إلى هنا سقط من (م).