للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ)

وهو فِعْلُ مَجْنِيٍّ عليه (١) أوْ وَلِيِّه بِجانٍ مِثْلَ ما فَعَلَ، أوْ شِبْهَه.

(وَيُشْتَرَطُ لَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ):

(أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ مُكَلَّفًا)؛ لأِنَّ غيرَ المكلَّف لَيسَ أهْلاً لِلاِسْتِيفاء؛ لِعَدَمِ تكليفِه، بدليلِ أنَّه لا يَصِحُّ إقْرارُه ولا تصرُّفه (٢)؛ لأِنَّ غَيرَ المكلَّف إمَّا صَبِيٌّ أوْ مجنونٌ، وكِلاهُما لا يُؤمَنُ منه الحَيفُ على الجاني، ولا يَقومُ وَلِيُّه مَقامَه؛ لأِنَّ القِصاصَ شُرِعَ للتَّشَفِّي، فلم يَقُمْ غَيرُه مَقامَه.

(فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا؛ لَمْ يَجُزِ اسْتِيفَاؤُهُ)؛ لِمَا ذكرنا (٣)، والقَوَدُ لَيسَ لأِبيهِ ولا لغَيرِه اسْتِيفاؤه.

وعَنْهُ: بَلَى، حكاها أبو الخَطَّاب، وقالَها الأكثرُ؛ لأِنَّ القصاصَ أحدُ بَدَلَي النَّفس، فكان للأب استيفاؤه (٤)؛ كالدية، وكذلك الحكمُ في الوصيِّ والحاكِمِ في الطَّرَفِ دُونَ النَّفْس.

والأوَّلُ هو (٥) ظاهِرُ المذْهَبِ؛ لأِنَّه لا يَملِكُ إيقاعَ الطَّلاقِ بزَوجَتِه، فلم يَملِك اسْتِيفاءَ القصاص؛ كالوصيِّ، ولأِنَّ القَصْدَ التَّشفِّي وتَرْكُ الغَيظ، ولا يَحصُلُ ذلك باسْتِيفاءِ الأبِ، بخِلافِ الدِّيَة، فإنَّ الغَرَضَ يحصل (٦) باسْتِيفائه، ولأِنَّ الدِّيَة إنَّما يُملك (٧) استيفاؤها إذا تعيَّنَتْ، والقِصاصُ لا يتعيَّنُ.


(١) قوله: (عليه) مكانه بياض (م).
(٢) في (ن): ولا يصرفه.
(٣) في (م): ذكر.
(٤) قوله: (وعنه: بلى، حكاها أبو الخطاب … ) إلى هنا سقط من (م).
(٥) قوله: (والأول هو) في (م): وهو.
(٦) قوله: (ذلك باستيفاء الأب، بخلاف الدية، فإن الغرض يحصل) سقط من (م).
(٧) في (م): تملك.