للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَعَلَى هذا: (يُحْبَسُ (١) الْقَاتِلُ (٢) حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ، وَيَعْقِلَ الْمَجْنُونُ)، ويَقدَمَ الغائبُ؛ لأِنَّ فيه حَظًّا للقاتِلِ بتأْخِيرِ قَتْلِه، وحَظًّا للمُستَحِقِّ بإيصاله (٣) إلى حقِّه، ولأنَّه (٤) يَستَحِقُّ إتْلافَ نَفْسِه ومَنفَعَتِه، فإذا تعذَّر اسْتِيفاءُ النَّفْس لِعارِضٍ؛ بَقِيَ إتْلافُ المَنفَعَةِ سالِمًا عن المعارض (٥)، وقد حَبَسَ مُعاوِيَةُ هُدبة (٦) بن خشرم في قَوَدٍ حتَّى يَبلُغَ ابنُ القَتِيلِ، فلم يُنكَرْ ذلك، وبَذَلَ الحَسَنُ، والحُسَينُ، وسعيدُ بنُ العاص (٧) لاِبْنِ القَتِيلِ سَبْعَ دِياتٍ، فلم يَقْبَلْها (٨).

لا يُقالُ: يَجِبُ أنْ يُخَلَّى سبيلُه كالمُعْسِر؛ لِمَا في تَخْلِيَتِه مِنْ تضييعِ الحقِّ؛ لأنَّه (٩) لا يُؤمَنُ هَرَبُه، والفرق (١٠) بَينَهما مِنْ وُجوهٍ:

أحدُها: أنَّ قضاءَ الدَّين لا يَجِبُ مع الإعْسار، فلا يُحبَسُ بما لا يَجِبُ، والقِصاصُ واجِبٌ، وإنَّما تعذَّر (١١) لِمَانِعٍ.

الثَّاني: أنَّ المُعْسِرَ لو حُبِسَ تعذَّر عليه الكَسْبُ لِقَضاءِ الدَّين.


(١) كتب في هامش (ظ): (أي: وجوبًا. أي: وعلم بقوله: "ويحبس" أنه لا يُخلَّى بكفيل ولا رهن، فقد يهرب فيفوت الحق، ولا يحتاج الحاكم في حبسه بعد فوت القتل عنده إلى إذن الولي).
(٢) كتب في هامش (ظ): (ولو قال المصنف: "ويحبس حتمًا الجاني" كان أعم).
(٣) في (م): باتصاله.
(٤) في (م): ولا.
(٥) في (ن): العارض.
(٦) في (م): هدية.
(٧) في (م): المسيب.
(٨) تقدم تخريجها ٥/ ٤٦٠ حاشية (٥).
(٩) في (ن): ولأنه.
(١٠) في (م): والمفرق.
(١١) في (ن): يعذر.