للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ فِي دِيَةِ الْمَنَافِعِ)

لَمَّا تمَّمَ الكلامَ على دِياتِ الأعضاء؛ كالعَينَينِ ونحوِهما، شَرَعَ يَتكلَّمُ في دِيَةِ المنافع، وهي السَّمْعُ والبَصَرُ ونحوُهما.

(وَفِي كُلِّ حَاسَّةٍ: دِيَةٌ كَامِلَةٌ)، كذا عِبارَةُ الأصحاب، يقال: حسَّ وأحسَّ؛ أيْ: عَلِمَ وأيْقَنَ، وبألفٍ أفْصَحُ، وبها جاء القرآنُ، وإنَّما يَصِحُّ قَولُهم: الحاسَّةُ، والحَواسُّ الخَمْسُ على اللُّغةِ القليلة، والأشهر (١) في حسَّ بلا ألفٍ بمَعْنَى قتل (٢).

وقال الجَوهَريُّ في الحواس (٣): المشاعِرُ الخَمْسُ: السَّمْعُ، والبَصَرُ، والشَّمُّ، والذَّوقُ، واللَّمْسُ (٤).

(وَهِيَ (٥) السَّمْعُ)، بغَيرِ خِلافٍ (٦)، وسَنَدُه قَولُه : «وفي السَّمْع الدِّيَةُ» (٧)، ورُوِيَ: «أنَّ عمرَ قَضَى في رَجُلٍ رَمَى آخَرَ بحَجَرٍ في رأسه، فذَهَبَ سَمْعُه، وعَقْلُه، ولِسانُه، ونكاحُه، بأرْبَعِ دِياتٍ، والرَّجُلُ حَيٌّ» رواه أبو المهلب (٨)، ولأِنَّها حاسَّة تَختَصُّ بنَفْعٍ، فكان فيها الدِّيَةُ كالبصر.


(١) في (م): العليا والأحسن.
(٢) في (ظ): قبل.
(٣) قوله: (في الحواس) سقط من (ن). وهي في (م): الحواس.
(٤) ينظر: الصحاح ٣/ ٩١٧.
(٥) في (ظ) و (ن): وهو.
(٦) ينظر: الإشراف ٧/ ٤٠٧.
(٧) أخرجه البيهقي في الكبرى (١٦٢٢٤)، عن معاذ بن جبل ، أن النبي قال: «وفي السمع مائة من الإبل»، وفي سنده: عبد الرحمن بن زياد الإفريقي وهو ضعيف. ينظر: البدر المنير ٨/ ٤٦١، الإرواء ٧/ ٣٢١.
(٨) في (م): المطلب. أي: رواه أبو المهلب عن أبي قلابة، وذكر الخبر. ينظر: المغني ٨/ ٤٤٢.
والأثر أخرجه ابن أبي شيبة (٢٦٨٩٢)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (١٦٢٢٨)، عن عوف، قال: سمعت شيخًا قبل فتنة ابن الأشعث فنعت نعته، قالوا: ذاك أبو المهلب عم أبي قلابة، قال: «رمى رجل رجلاً بحجر في رأسه، فذهب سمعه ولسانه وعقله وذكره فلم يقرب النساء، فقضى فيه عمر بأربع ديات»، وضعفه ابن حزم، وحسنه الألباني. ينظر: المحلى ١١/ ٧٤، الإرواء ٧/ ٣٢٢.