للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ التَّأْوِيلِ فِي الْحَلِفِ)

(وَمَعْنَى التَّأْوِيلِ: أَنْ يُرِيدَ بِلَفْظِهِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ)، مِثْلَ أَنْ يَحلِفَ أنَّه أخِي، يريدُ أُخُوَّةَ الإسلام، وبالسَّقف والبِناء: السَّماء، وبالبِساط والفِراش: الأرضَ، وبالأوتاد: الجبالَ، وباللِّباس: اللَّيلَ، أوْ يقولَ: ما رأيتُ فلانًا؛ أيْ: ما ضَرَبْتُ رِئَتَه، وما ذَكَرْتُه؛ أي: ما قَطَعْتُ ذَكَرَه، وكقَوله: جَواريَّ أحرارٌ؛ يعني: سُفُنَه، ونسائي طوالِقُ؛ أي: أقارِبه، أو يقولَ: ما كاتَبْتُ فلانًا، ولا (١) عَرَفْتُه، ولا عَلِمْتُه، ولا سألته حاجةً، ولا أكَلْتُ له دجاجةً ولا فَرُّوجةً، ولا شَرِبْتُ له (٢) ماءً، ولا في بَيتِي فراشٌ، ولا حصيرٌ، ولا باريَّةٌ، ويَعْنِي بالمكاتَبة: مكاتبة (٣) الرَّقيق، وبالتَّعريف: جَعْله عريفًا، وبالإعلام: جَعْله أعْلَم الشَّفة، والحاجة: الشَّجرة الصَّغيرة، والدَّجاجة: الكُبَّة من الغزل، والفروجة: الدَّرَّاعة، والفَرْش: صِغار الإبل، والحَصيرِ: الخَيْش، والبارية: السِّكِّين التي يُبْرَى بها.

فهذا وأشباهُه ممَّا يَسبِقُ إلى فَهْمِ السَّامع خلافُه، إذا عَناهُ بيمينه فهو تأويلٌ؛ لأِنَّه خلافُ الظَّاهِر.

(فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ ظَالِمًا؛ لَمْ يَنْفَعْهُ تَأْوِيلُهُ)، بغَيرِ خلافٍ نَعلَمُه (٤)؛ (لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ : «يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ»)، وفي لفظٍ: «اليمينُ على نيَّةِ المسْتَحْلِف» رواهما مسلمٌ (٥).


(١) في (م): وما.
(٢) قوله: (له) مكانه بياض في (م).
(٣) قوله: (مكاتبة) سقط من (م).
(٤) ينظر: المغني ٩/ ٥٣٣.
(٥) أخرجهما مسلم (١٦٥٣)، من حديث أبي هريرة .