للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(بَابُ الْوَلَاءِ)

أيْ: بابُ مِيراثِ الوَلاءِ؛ لأِنَّ الوَلاءَ لا يُورَثُ، وإنَّما يُورَثُ به، فهو من إضافةِ الشَّيء إلى سَبَبِه؛ لأِنَّ سَبَبَ المِيراث هنا: الوَلاءُ، ولا شَكَّ أنَّه من جملة الأسباب التي يُتَوارَثُ بها.

والوَلاءُ: بفَتْح الواوِ مَمْدودٌ، وهو: ثُبوتُ حكمٍ شَرْعِيٍّ بالعِتْق، أوْ تَعاطِي سَبَبِه.

ومَعْناهُ: أنَّه إذا أعْتَقَ رقيقًا على أيِّ جِهةٍ صار له عَصَبةً في جميعِ أحْكامِ التَّعصيب عِنْدَ عَدَمِ العَصَبة من النَّسب؛ كالمِيراث، وولايةِ النِّكاح، والعَقْل.

والأصلُ فيه: قَولُه تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾ [الأحزَاب: ٥]؛ يَعْنِي: الأدْعِياءَ، مع قَولِه : «الوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ» متَّفقٌ عَلَيهِ (١)، وإنَّما تأخَّر الوَلاءُ عن النَّسب؛ لقَولِه في (٢) حديثِ عبدِ الله بنِ أبي أَوْفَى: «الوَلاءُ لُحْمةٌ كلُحْمة النَّسَب» رواه الخَلاَّلُ، ورواه الشَّافِعِيُّ وابنُ حِبَّانَ من حديثِ ابنِ عُمَرَ مرفوعًا، وفيه: «لا يُباع ولا يُوهَبُ» (٣)، شبَّهه بالنَّسب، والمشبَّه (٤) دُونَ المشبَّهِ به، وأيْضًا: فإنَّ النَّسَبَ أقْوَى منه؛ لأِنَّه تتعلَّق به المحْرَمِيَّةُ، ووُجوبُ النَّفقة، وردُّ (٥) الشَّهادةِ، ونحوُها، بخِلافِ الوَلاء.

(كُلُّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا)، وفي «الفروع»: رقيقًا، وهي أَوْلَى، وسَواءٌ أعْتَقَه


(١) أخرجه البخاري (٤٥٦)، ومسلم (١٥٠٤)، من حديث عائشة .
(٢) في (ق): من.
(٣) سبق تخريجه ٧/ ٩ حاشية (١).
(٤) في (ق): والشبه.
(٥) في (ظ): وترد.