للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْمَشِيئَةِ)

(إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ، أَوْ كَيْفَ شِئْتِ، أَوْ حَيْثُ شِئْتِ (١)، أَوْ مَتَى شِئْتِ)، أوْ أيَّ وقتٍ شئتِ؛ (لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُولَ: قَدْ شِئْتُ)؛ لأِنَّ ما في القلب لا يُعلَمُ حتَّى يُعبِّرَ عنه اللِّسانُ، فيتعلَّقُ الحُكمُ بما يَنْطِقُ به دُونَ ما في القلب، فلو شاءتْ بقَلْبها دُونَ نُطقها؛ لم تَطلُقْ، فلو شاءتْ وهي كارِهةٌ؛ طلَقَتْ؛ اعتبارًا بالنُّطق، ولو رجع قبلَ مشيئتها؛ لم يصحَّ رجوعُه على الأصحِّ؛ كبقيَّة التعاليق (٢).

(سَوَاءٌ شَاءَتْ عَلَى الْفَوْرِ أَوِ التَّرَاخِي)، نَصَّ عليه في تعليق الطَّلاق بمشيئةِ فلانٍ (٣)، وقاله (٤) الزُّهْريُّ وقَتادةُ؛ لأِنَّه تعليقٌ للطَّلاق على شَرْطٍ أشْبَهَ سائرَ التَّعليقات، ولأِنَّه إزالةُ ملكٍ معلَّقٍ (٥) على المشيئة، فكان على التَّراخي؛ كالعِتْق.

(وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَقِفَ عَلَى الْمَجْلِسِ؛ كَالاِخْتِيارِ)، وهو قولُ الحسن وعَطاء؛ لأِنَّه تمليكٌ للطَّلاق، فكان على الفور؛ ك: «اخْتارِي».

والأوَّلُ أصحُّ، وفرَّقَ بَينَهما في «المغْنِي» و «الشَّرح» مِنْ حَيثُ إنَّ «اخْتارِي» لَيسَ بشرطٍ، وإنَّما هو تخييرٌ محض (٦)، فيتقيَّدُ بالمجلس؛ كخيار المجلس، بخلاف المشيئة، فإنَّها هنا شَرْطٌ، فَوجَبَ حَمْلُها على «إنْ».


(١) قوله: (أو حيث شئت) سقط من (م).
(٢) في (ظ): التعليق.
(٣) ينظر: المغني ٧/ ٤٦٢.
(٤) في (م): وقال.
(٥) في (م): مطلق.
(٦) في (م): مختص.