للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ)

قال صاحب «المشارق»: (السَّهو في الصَّلاة: النِّسيان فيها، وقيل: هو الغفلة) (١).

وقيل: النِّسيانُ عدمُ ذِكْر ما قد كان مذكورًا، والسَّهوُ: ذُهولٌ وغفلةٌ عمَّا كان مذكورًا، وعمَّا لم يكن، فعلى هذا هو أعمُّ من النِّسيان.

ولا مِرْيةَ (٢) في مشروعيَّةِ سجودِ السَّهوِ، قال الإمامُ أحمدُ: (يُحفَظ عن النَّبيِّ خمسة أشياء: سلَّم (٣) من اثنتَين فسجد، سلَّم من ثلاث فسجد، وفي الزِّيادة، والنُّقصان، قام (٤) من اثنتين ولم يتشهَّد) (٥).

قال (٦) الخطَّابي: (المعتمَد عليه عند أهل العلم هذه الأحاديث الخمسة) (٧)؛ يعني حديثي (٨) ابن مسعود وأبي سعيد وأبي هريرة وابن بُحَينةَ (٩).


(١) ينظر: مشارق الأنوار ٢/ ٢٢٩.
(٢) في (أ): مزية.
(٣) قوله: (خمسة أشياء: سلم) سقط من (أ).
(٤) كذا في النسخ، وفي المغني ٢/ ١٢: (وقام). فتكون خمسة.
(٥) ينظر: مسائل صالح ٣/ ٢١٧، مسائل ابن منصور ٢/ ٥٣٨، مسائل عبد الله ص ٨٧.
(٦) في (ب) و (ز) و (و): وقال.
(٧) ينظر: معالم السنن ١/ ٢٣٨.
(٨) في (أ): حديث.
(٩) فأما حديث ابن مسعود : فأخرجه البخاري (٤٠١)، ومسلم (٥٧٢)، من طريق إبراهيم، عن علقمة، قال: قال عبد الله صلى النبي قال إبراهيم: لا أدري زاد أو نقص - فلما سلم قيل له: يا رسول الله، أحدث في الصلاة شيء؟ قال: «وما ذاك»، قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين، ثم سلم، فلما أقبل علينا بوجهه، قال: «إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته، فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين».
وأخرجاه مختصرًا بلفظ: صلى النبي الظهر خمسًا، فقالوا: أزيد في الصلاة؟ قال: «وما ذاك» قالوا: صليت خمسًا، فثنى رجليه وسجد سجدتين. وظاهر سياق الحديث أنه حديث واحد، وكذا ظاهر صنيع شراح الحديث؛ كالنووي في شرح مسلم ٥/ ٦١، وابن رجب في الفتح ٩/ ٣٩٢، وابن حجر في الفتح ١/ ٥٠٤، و ٣/ ٩٤، والعيني في عمدة القاري ٧/ ٣٠٥، والقسطلاني في إرشاد الساري ١/ ٤١٦، أنه حديث واحد، ولم نقف على حديثٍ آخر لابن مسعود في السهو، ولم يظهر لنا مراد الخطابي بقوله: (حديثي ابن مسعود).
وحديث أبي سعيد : أخرجه مسلم (٥٧١)، ولفظه: قال رسول الله : «إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى ثلاثًا أم أربعًا، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسًا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتمامًا لأربع كانتا ترغيمًا للشيطان».
وحديث أبي هريرة : أخرجه البخاري (١٢٣٢)، ومسلم (٣٨٩)، عن أبي هريرة : أن رسول الله قال: «إن أحدكم إذا قام يصلي جاء الشيطان، فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم، فليسجد سجدتين وهو جالس». وحديث ابن بحينة : أخرجه البخاري (١٢٢٤)، ومسلم (٥٧٠)، عن عبد الله ابن بحينة ، أنه قال: «صلى لنا رسول الله ركعتين من بعض الصلوات، ثم قام، فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم، فسجد سجدتين وهو جالس، ثم سلم».