للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَيَجُوزُ بَيْعُ المُكَاتَبِ)، نَصَرَه في «الشَّرح»، وقدَّمه في «الفُروع»، وجَزَمَ به في «الوجيز»؛ لِمَا رَوَتْ عائشةُ قالتْ: جاءتْ بَرِيرةُ فقالت: إنِّي كاتبتُ أهْلِي على تِسْعِ أواقٍ، كلَّ عامٍ أُوقِيَّةٌ، فأعِينِينِي، قالتْ عائشةُ: إنْ أَحَبَّ أهلُك أنْ أعُدَّها لهم عِدَّةً، ويكونُ وَلاؤكِ لي فَعَلْتُ، فعَرَضَتْ ذلك عَلَيهم فأبَوْا، فَذَكَرَتْ عائشةُ ذلك (١) لرسول الله فقال: «لا يَمْنَعْكِ ذلك، ابْتاعِي وأعْتِقِي» متَّفَقٌ عليه (٢)، قال ابنُ المنذِر: (بِيعَتْ بَرِيرةُ بِعِلْمِ النَّبيِّ ، وهي مُكاتَبةٌ، ولم يُنكِرْ ذلك، فلا (٣) وَجْهَ لمَنْ أنْكرَه، ولا أعْلَمُ خَبرًا يُعارِضُه، ولا أعْلَمُ في شَيءٍ من الأخبار دليلاً على عَجْزها) (٤).

وتأوَّله الشَّافِعيُّ: على أنَّها كانَتْ قد عَجَزَتْ (٥)، ولَيسَ في الخبر ما يَدُلُّ عليه، بل قَولُها: «أعِينِينِي» دليلٌ على بقائها على الكتابة.

(وَمُشْتَرِيهِ يَقُومُ مَقَامَ الْمُكَاتِبِ)؛ لأِنَّه بَدَلٌ عنه، وفيه إشْعارٌ بأنَّ الكتابةَ لا تَنفَسِخُ بالبَيع، وهو كذلك بغَيرِ خلافٍ نَعلَمُه (٦)؛ لأِنَّها عَقْدٌ لازِمٌ، فلم تَنفَسِخْ به كالنِّكاح، وحكاهُ ابنُ المنذِرِ إجْماعًا إذا كان ماضِيًا فيها (٧)، مُؤَدِّيًا ما يَجِبُ عليه من نُجومه في أوْقاتها، (فِي أَنَّهُ (٨) إِذَا أَدَّى؛ عَتَقَ) دُونَ وَلَدِه، (وَوَلَاؤُهُ


(١) في (ق): ذلك عائشة.
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٦٣)، ومسلم (١٥٠٤).
(٣) في (ق): ولا.
(٤) ينظر: الإشراف ٧/ ٣٠.
(٥) ينظر: الأم ٤/ ١٣٢.
(٦) ينظر: المغني ١٠/ ٢٨٠.
(٧) ينظر: الإشراف لابن المنذر ٧/ ٢٨.
(٨) قوله: (في أنه) هو في (ق): وأنه.