للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ عَمِيَ مَوْتُهُمْ)

أيْ (١): خَفِيَ ولم يُعلَمْ.

وكان يَنبَغِي للمؤلِّف أنْ يَذكُرَ هذا البابَ عَقِبَ المفْقودِ؛ لأِنَّه جَهْلٌ يُوجِبُ التَّوقُّفَ في الإرْث، وهُنا يُوجِبُ حِرْمانَه في بَعْضِ الصُّوَر.

(إِذَا مَاتَ مُتَوَارِثَانِ، فَجُهِلَ أَوَّلُهُمَا مَوْتًا؛ كَالْغَرْقَى)، هو جَمْعُ غَرِيقٍ، كقَتِيلٍ وجَرِيحٍ، (وَالْهَدْمَى)، يَجوزُ أنْ يكونَ جَمْعُ هَدِيمٍ بمَعْنَى مَهْدومٍ، كجَرِيحٍ بمَعْنَى مَجْروحٍ، قال ابنُ أبي الفَتْحِ: ولم أرَ هذا مَنْقولاً (٢)، (وَاخْتَلَفَ وَارِثُهُمَا فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا)؛ أي: ادَّعَى وَرَثَةُ كلِّ ميِّتٍ سَبْقَ الآخَرِ، ولا بيِّنةَ، أوْ تَعارَضَت البيِّنةُ؛ تَحالَفَا ولم يَتَوارَثَا، نَصَّ عَلَيهِ (٣)، واخْتارَه الأكثرُ.

وقال جماعةٌ: بَلَى.

وخرَّجوا منها: المنْعَ في جَهْلِهم الحالَ، اخْتارَه الشَّيخُ تقيُّ الدِّين (٤).

(فَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ فِي امْرَأَةٍ وَابْنِهَا مَاتَا، فَقَالَ زَوْجُهَا: مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْتُهُ، وَقَالَ أَخُوهَا: مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا: أنَّه يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إِبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ)؛ لأِنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يُنْكِرُ ما ادُّعِيَ به عَلَيهِ، والمنْكِرُ عَلَيهِ اليَمينُ، وهذا إذا لم تَكُنْ (٥) بَيِّنةٌ، (وَيَكُونُ مِيرَاثُ الاِبْنِ لِأَبِيهِ)؛ لأِنَّه وارِثُه الحَيُّ المُتَيَقَّنُ، وغَيرُه مَشْكوكٌ فيه، (وَمِيرَاثُ


(١) في (ق): أو.
(٢) ينظر: المطلع ص ٣٧٦.
(٣) ينظر: الفروع ٨/ ٥٧.
(٤) أي: المنع من إرث بعضهم من بعض عند جهلهم فيمن مات أولاً، واختاره شيخ الإسلام. ينظر: مجموع الفتاوى ٣١/ ٢٥٦، الاختيارات ص ٢٨٢.
(٥) في (ق): لم يكن.