للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ سُنَّةِ الطَّلَاقِ وَبِدْعَتِهِ)

طَلاقُ السُّنَّة: ما أَذِنَ الشَّارعُ فيه، والبِدْعةُ: ما نَهَى عنه، ولا خِلافَ أنَّ المطلِّقَ على الصِّفةِ الأولى مطلِّقٌ للسُّنَّة، قالَهُ ابنُ المنذِرِ وابنُ عبدِ البَرِّ (١).

والأصلُ فيه قَولُه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطّلَاق: ١]، قال ابنُ مسعودٍ وابنُ عبَّاسٍ: «طاهِرًا مِنْ غَيرِ جماعٍ» (٢)، وحديثُ ابنِ عمرَ لَمَّا طَلَّقَ امرأتَه وهي حائِضٌ، فقال النَّبيُّ لعمرَ: «مُرْهُ فلْيُراجِعْها، ثُمَّ لِيُمْسِكْها حتَّى تَطهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تطهر (٣)، ثُمَّ إنْ شاءَ طلَّقَها طاهِرًا قبلَ أنْ يَمَسَّ»، وهو في «الصَّحيحَينِ» (٤).

(السُّنَّةُ فِي الطَّلَاقِ: أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً)؛ لقَولِ عليٍّ، رواه النجاد (٥)، (فِي


(١) ينظر: الإجماع ص ٨٤، التمهيد ١٥/ ٥٨.
(٢) أثر ابن مسعود : أخرجه عبد الرزاق (١٠٩٢٧)، وسعيد بن منصور (١٠٥٧)، وابن أبي شيبة (١٧٧٢٥)، والبيهقي في الكبرى (١٤٩١٥)، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود به. وإسناده صحيح، وأخرجه عبد الرزاق (١٠٩٢٩)، وسعيد بن منصور (١٠٥٦)، وابن أبي شيبة (١٧٧٦٦)، والنسائي في الكبرى (٥٥٥٨)، وابن ماجه (٢٠٢٠)، عن أبي الأحوص عنه. قال ابن حزم: (في غاية الصحة عن ابن مسعود)، وصحح إسناده ابن حجر والألباني. ينظر: المحلى ٩/ ٤٠٠، فتح الباري ٩/ ٣٤٦، الإرواء ٧/ ١١٨.
وأثر ابن عباس : أخرجه عبد الرزاق (١٠٩٣٠)، والدارقطني (٣٨٩٠)، والبيهقي في الكبرى (١٤٩١٦)، عن وهب بن نافع، وأخرجه الطبري في التفسير (٢٣/ ٢٣)، من طريق داود بن حصين، كلاهما عن عكرمة، عن ابن عباس . وهب بن نافع سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم ولم يروِ عنه سوى عبد الرزاق، وداود بن حصين ثقة إلا في عكرمة، وصحح إسناده الألباني في الإرواء ٧/ ١١٨.
(٣) في (م): فتطهر.
(٤) أخرجه البخاري (٥٢٥١)، ومسلم (١٤٧١)، من حديث ابن عمر .
(٥) في (م): البخاري.
والأثر كما في الشرح الكبير ٢٢/ ١٧١: ما أخرجه ابن أبي شيبة (١٧٧٤٢)، من طريق يحيى بن عتيق، عن ابن سيرين، قال: قال علي : «لو أن الناس أصابوا حدَّ الطلاق، ما ندم رجل على امرأة يطلقها واحدة، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض»، رجاله ثقات، لكنه منقطع، وسيأتي قريبًا مختصرًا.