للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ)

(وَحُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَجِبُ بِهِ، وَتَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ).

أنْكِحةُ الكُفَّارِ يتعلَّقُ بها أحْكامُ النِّكاح الصَّحيحِ؛ مِنْ وُقوعِ الظِّهار، والإِيلاء، ووُجوبِ المهْرِ، والقَسْمِ، والإباحةِ للزَّوج الأوَّلِ، والإحْصانِ، وكذا وُقوعُ الطَّلاق في قَولِ الجمهور؛ لأِنَّه طَلاقٌ مِنْ بالِغٍ عاقِلٍ في نكاحٍ صحيحٍ، فَوَقعَ؛ كطلاقِ المسلِمِ.

ودليلُ صحَّته: قَولُه تعالى: ﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)[المَسَد: ٤]، و ﴿امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ﴾ [التّحْريم: ١١]، وحقيقةُ الإضافةِ تَقتَضِي زَوجيَّةً صحيحةً؛ ولهذا قال النَّبيُّ : «وُلِدتُ مِنْ نكاحٍ، لا مِنْ سِفاحٍ» (١)، وإذا ثَبَتَ صحَّتُها ثَبَتَ أحكامُها؛ كأنْكِحة المسلمين.

فَعَلَى هذا: لو طلَّق الكافِرُ ثلاثًا، ثُمَّ تزوَّجها قَبْلَ زَوْجٍ وإصابةٍ، ثُمَّ أسْلَما؛ لم يُقَرَّا عليه، ولو طلَّقها أقلَّ مِنْ ثلاثٍ، ثُمَّ أسْلَما؛ فهي عندَه على ما بَقِيَ مِنْ طَلاقِها، ويَحرُمُ عليهم ما يَحرُم على المسلمين، كما ذُكِرَ في بابه.

(وَيُقَرُّونَ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْمُحَرَّمَةِ مَا اعْتَقَدُوا حِلَّهَا) في شَرْعِهم، (وَلَمْ يَرْتَفِعُوا إِلَيْنَا)، هذا هو المذْهَبُ؛ لأِنَّه أسْلَمَ الخَلْقُ الكثيرُ في زَمَنِه ، فأقرَّهم على أنْكِحَتِهم، ولم يَكشِفْ عن كَيفِيَّتها خصوصًا أهلَ هَجَرٍ؛ لِعِلْمِه


(١) أخرجه عبد الرزاق (١٣٢٧٣)، وابن أبي شيبة (٣١٦٤١)، وعمر بن شبة (٢/ ٦٣٨)، من طرق عن جعفر بن محمد، عن أبيه - الباقر -. وهو مرسلٌ صحيح الإسناد كما قال الألباني. وله شاهد أخرجه الطبراني الكبير (١٠٨١٢)، والبيهقي في الكبرى (١٤٠٧٦)، من حديث ابن عباس مرفوعًا بنحوه. وفيه محمّد بن أبي نُعَيم الواسطيّ، وهو متكلّم فيه، وعامَّة ما يرويه لا يتابعه عليه الثِّقات. وفُليح بن سليمان، وهو صدوق كثير الخطأ. والحديث حسنه الألباني بمجموع هذين الطريقين، وفي الباب أحاديث أخرى واهية. ينظر: الكامل ٧/ ٥٠٧، تاريخ الإسلام ٥/ ٦٩٢، الإرواء ٦/ ٣٢٩.