للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ)؛ لأِنَّ أصْلَ العَقْد يُرادُ لِلْعاقِد، فلو شُرِطَ عليه اسْتِيفاؤها بِنَفْسِه؛ فقِياسُ قَولِ أصْحابِنا: صِحَّةُ العَقْد وبُطْلانُ الشَّرْط؛ لأِنَّه يُنافِي مُقْتَضَى العَقْد؛ إذْ مُوجِبُه ملْكُ المنْفَعَة والتَّسْلِيطُ على اسْتِيفائِها بِنَفْسِه ونائبِه.

وقِيلَ: يَصِحُّ؛ لأِنَّه قد يَكُونُ له غَرَضٌ في تَخْصِيصِه.

(وَبِمِثْلِهِ)؛ أيْ: إذا كان مِثْلَه في الضَّرَر أوْ دُونَه؛ لأِنَّه لم يَزِدْ على اسْتِيفاءِ حَقِّه، فيُعْتَبَرُ كَون راكِبٍ مِثْلَهُ في طُولٍ وقِصَرٍ، لا المعرفةُ بالرُّكُوب، خِلافًا للقاضِي؛ لأِنَّ التَّفاوُتَ في هذا يَسِيرٌ.

(وَلَا يَجُوزُ بِمَنْ هُوَ أَكْثَرُ ضَرَرًا مِنْهُ)؛ لأِنَّ العَقْدَ اقْتَضَى اسْتِيفاءَ مَنْفَعَةٍ مُقدَّرةٍ، فلا يَجوزُ بأكْثَرَ منه؛ لأِنَّه زائِدٌ على ما عَقَدَ عليه.

(وَلَا بِمَنْ يُخَالِفُ ضَرَرُهُ ضَرَرَهُ)؛ لأِنَّه يَسْتَوْفِي أكْثرَ مِنْ حَقِّه أوْ غَيرَ ما يَسْتَحِقُّه.

(وَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ) المعْقُودَ عَلَيها مِنْ زَرْعٍ أوْ بِنَاءٍ؛ لأِنَّه هو المقْصودُ، (وَمَا دُونَهَا فِي الضَّرَرِ مِنْ جِنْسِهَا)؛ لأِنَّه إذا كان له اسْتِيفاءُ نَفْسِ المنْفَعَة المعْقُود عَلَيها؛ فما دُونَها أَوْلَى، قال أحْمَدُ: إذا اسْتَأْجَرَ دابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيها تَمْرًا، فحَمَلَ عَلَيها حِنْطَةً؛ أرجو ألاَّ يكونَ به بأْسٌ إذا كان الوَزْنُ واحِدًا (١).

(فَإِذَا اكْتَرَى لِزَرْعِ الْحِنْطَةِ؛ فَلَهُ زَرْعُ الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ)؛ كَبَاقِلَاءَ؛ لأِنَّه دُونَه في الضَّرر، وعُلِم منه: جَوازُ زَرْعِ الحِنْطَة؛ لأِنَّها المعْقُودُ عَلَيها.


(١) ينظر: المغني ٥/ ٣٥٦.